كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

عمر بن الخطاب يقول: لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر.
وفي رواية أخرى قال عليه الصلاة والسلام: "منزلنا إن شاء الله تعالى -إذا فتح الله- الخيف حيث تقاسموا على الكفر". يعني به المحصب، وذلك أن قريشا وكنانة.
__________
وعند الإسماعيلي فمن أجل ذلك كان "عمر بن الخطاب، يقول: لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر", قال الحافظ: هذا القدر الموقوف على عمر قد ثبت مرفوعا بهذا الإسناد عند البخاري في المغازي، من طريق ابن جريج عنه، ويختلج في خاطري أن قائل: فكان عمر ... إلخ، هو ابن شهاب، فيكون منقطعا عن عمر. انتهى.
وقد رفعه البخاري، هنا في نفس حديث أسامة، هذا ولفظه فقال صلى الله عليه وسلم: "وهل ترك لنا عقيل من منزل" ثم قال: "لا يرث المؤمن الكافر، ولا يرث الكافر المؤمن".
وروى الواقدي عن أبي رافع قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ألا تنزل منزلك من الشعب فقال: "وهل ترك لنا عقيل منزلا"؟، وكان عقيل قد باع منزله صلى الله عليه وسلم ومنزل إخوته من الرجال والنساء بمكة، فقيل له: فانزل في بعض بيوت مكة غير منازلك فأبى، وقال: "لا أدخل البيوت". ولم يزل بالحجون لم يدخل بيتا، وكان يأتي المسجد لكل صلاة من الحجون وكان أبو رافع ضرب له به قبة من أدم ومعه أم سلمة، وميمونة.
"وفي رواية أخرى" للبخاري، في مواضع من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة, قال عليه الصلاة والسلام: "منزلنا إن شاء الله تعالى". أتى بها تبركا وامتثالا لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} ، ولعلامات الفتح الظاهرة عبر بقوله: "إذا فتح الله" مكة "الخيف" بفتح المعجمة وسكون التحتية وبالفاء.
قال الحافظ: والرفع مبتدأ خبره منزلنا، وليس هو مفعول فتح، والخيف ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء. انتهى.
واقتصر على هذا الإعراب لأنه المشهور، في المبتدأ والخبر إذا كانا معرفتين فإن المعلوم للمخاطب، هو المبتدأ، وهو هنا الخيف ومنزلنا خبر لأنه المجهول فما صدر به المصنف من أن منزلنا والخيف خبره خلاف المشهور وهو جواز الابتداء منهما.
وفي رواية للبخاري: "بخيف بني كنانة". "حيث تقاسموا" تحالفوا "على الكفر" حال من فاعل تقاسموا أي في حال كفرهم أن لا يبايعوا بني هاشم، ولا يناكحوهم وحصروهم في الشعب "يعني به المحصب" بضم الميم وفتح الحاء والصاد المشددة المهملتين, "وذلك" أي تقاسمهم على الكفر "أن قريشا وكنانة".

الصفحة 444