كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

ثم صلى الضحى ثمان ركعات، قالت: لم أره صلى صلاة أخف منها، غير أنه يتم الركوع والسجود.
وأجارت أم هانئ حموين لها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ"، والرجلان: الحارث بن هشام، وزهير بن أمية بن المغيرة.
__________
نزوله بالخيف لأنه لم يقم في بيتها، وإنما نزل به حتى اغتسل، "ثم صلى الضحى ثمان ركعات" ثم رجع إلى حيث ضربت خيمته. "قالت" أم هانئ: "لم أره صلى الله عليه وسلم صلى صلاة أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود" وصريح الحديث، أن الصلاة هي صلاة الضحى المشروعة المعهودة، وقال السهيلي: هذه الصلاة تعرف عند العلماء بصلاة الفتح، وكان الأمراء يصلونها إذا فتحوا بلدا.
قال ابن جرير الطبري: صلاها سعد بن أبي وقاص حين افتتح المدائن ثمان ركعات في إيوان كسرى، قال وهي ثمان ركعات لا يفصل بينها ولا تصلى بإمام.
قال السهيلي: ومن سنتها أيضا أن لا يجهر فيها بالقراءة والأصل فيها صلاته صلى الله عليه وسلم يوم الفتح. انتهى.
وروى الطبراني عن ابن عباس، أنه صلى الله عليه وسلم قال لأم هانئ يوم الفتح: "هل عندك من طعام نأكله"؟. قالت: ليس عندي إلا كسر يابسة وإني لأستحي أن أقدمها إليك. فقال: "هلمي بهن". فكسرهن في ماء وجاءت بملح، فقال: "هل من أدم"؟. قالت: ما عندي يا رسول الله إلا شيء من خل، فقال: "هلميه". فصبه على الطعام وأكل منه، ثم حمد الله تعالى، ثم قال: "نعم الأدم الخل، يا أم هانئ لا يقفر بيت فيه خل". "وأجارت أم هانئ" بهمزة منونة "حموين لها" أي رجلين من أقارب زوجها، كما رواه أحمد، ومسلم، وابن إسحاق ويرهم.
عن أم هانئ قالت: لما كان يوم الفتح فر إلي رجلان من أحمائي من بني مخزوم، وكانت عند هبيرة بن أبي وهب المخزومي، قالت: فدخل عليَّ عليٌّ فقال: والله لأقتلنهما، فأغلقت عليهما بيتي، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة، فلما رآني، قال: "مرحبا وأهلا بأم هانئ ما جاء بك"؟. فأخبرته خبر الرجلين وخبر علي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ" زاد في رواية ابن إسحاق: "وأمنا من أمنت فلا يقتلهما"، "والرجلان الحارث بن هشام" بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي، أبو عبد الرحمن المكي، شقيق أبي جهل من مسلمة الفتح استشهد في خلافة عمر.
روى له ابن ماجه وله ذكر في الصحيحين أنه سأل عن كيفية الوحي، "وزهير بن أبي أمية بن المغيرة" بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومي، أخو أم سلمة، أم المؤمنين ذكره هشام الكلبي في المؤلفة.

الصفحة 446