كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

كما قاله ابن هشام، وقد كان أخوها علي بن أبي طالب أراد أن يقتلهما فأغلقت عليهما باب بيتها وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ولما كان الغد من يوم الفتح قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا في الناس، فحمد الله وأثنى عليه ومجده بما هو أهله ثم قال: "أيها الناس! إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض
__________
قال ابن إسحاق: كان ممن قام في نقض الصحيفة وأسلم وحسن إسلامه رضي الله عنه "كما قاله ابن هشام" عبد الملك، وقيل: الثاني عبد الله بن أبي ربيعة.
روى الأزرقي، بسند فيه الواقدي في حديث أم هانئ هذا أنهما الحارث وهبيرة بن أبي وهب.
قال الحافظ: وليس بشيء لأن هبيرة هرب عند الفتح إلى نحران فلم يزل بها مشركا حتى مات كما جزم به ابن إسحاق وغيره، فلا يصح ذكره فيمن أجارته أم هانئ، وقيل: إن الثاني جعدة بن هبيرة وفيه أنه كان صغير السن، فلا يكون مقاتلا عام الفتح حتى يحتاج إلى الأمان، ولا يهم علي بقتله, وجوز ابن عبد البر أن جعدة ابن لهبيرة من غير أم هانئ مع نقله عن أهل النسب أنهم لم يذكروا له ولدا من غيرها، "وقد كان أخوها علي بن أبي طالب" شقيقها "أراد أن يقتلهما".
قال الحافظ: لأنهما كانا فيمن قاتل خالد بن الوليد، ولم يقبلا الأمان فأجارتهما أم هانئ. انتهى.
فليس لكونهما ممن أهدر دمه كما ظنه من وهم وقد تقدم، "فأغلقت عليهما باب بيتها وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم" فرحب بها وأمضى جوارها. قال السهيلي: وتأمين المرأة جائز عند جماعة الفقهاء إلا سحنونا وابن الماجشون، فقالا: موقوف على إجازة الإمام. انتهى.
"ولما كان الغد من يوم الفتح" أي ثاني يوم فتح مكة في العشرين من رمضان "قام النبي صلى الله عليه وسلم" على باب البيت، بعدما خرج منه "خطيبا في الناس،" بخطبة طويلة مشتملة على أحكام وحكم ومواعظ "فحمد الله" تعالى فقال كما في رواية أحمد والواقدي: "الحمد لله الذي صدق وعده". "وأثنى عليه ومجده" عطف عام على خاص لأن الثناء والتمجيد أعم من لفظ الحمد لله "بما هو أهله".
وفي رواية: أنه قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده". ثم قال: "أيها الناس إن الله حرم مكة" ابتدأ تحريمها بأن أظهره للملائكة "يوم خلق السموات والأرض" وذاتها وإن لم توجد حينئذ لكن أرضها موجودة إذ هي أول ما

الصفحة 447