كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)
ويوم مكة إذ أشرفت في أمم ... تضيق عنها فجاج الوعث والسهل
خوافق ضاق ذراع الخافقين بها ... في...........................
__________
وعشرين بيتا في قصة الفتح، لأنهما كانتا عظيمتين فبدر أول مشهد نصر الله رسوله فيه وهذه يوم استيلائه على مكة التي هي من أشرف البقاع وعزه في بلاده التي أوذي فيها، ودخل الناس في دين الله أفواجا "ويوم مكة" مبتدأ حذف خبره أي كان عظيما والنصب مفعول به ذكرا أمرا أو مضارعا أو ظرف لهما أو لنصرت، أو قوله الآتي خشعت والخفض عطفا على لفظ بدر السابق "إذ" ظرف زمان بدل بعض من كل من يوم "أشرفت" علوت عليها، وظهرت على أخذها "في أمم" طوائف وجماعات كثيرة "تضيق عنها" بالتاء والياء؛ لأن تأنيث "فجاج" غير حقيقي جمع فج طريق واسع بين جبلين "الوعث" بفتح الواو، وسكون المهملة، ومثلثة، المكان الواسع الدهش بمهملة فهاء، مفتوحتين فمهملة، تغيب فيه الأقدام ويشق المشي فيه كما في القاموس وغيره.
وفي المصباح الطريق الشاق المسلك ويقال: رمل رقيق تغيب فيه الأقدام ثم استعير لكل أمر شاق من تعب وإثم غير ذلك منه وعثاء السفر وكآبة المنقلب أي شدة النصب والتعب، وسوء الانقلاب.
"والسهل" بسكون الهاء، وفتحها ضرورة وفي بعض النسخ، بضمتين جمع سهل ما لأن من الأرض ولم يبلغ، أن يكون وعثا.
والمعنى أن جميع الطرق تضيق عن ذلك الجيش، فالإضافة بيانية وخصا بالذكر لأنهما الغالب في الطرق المسلوكة لا للاحتراز "خوافق" بالجر بدل من أمم بدل بعض من كل بتقدير الضمير، أي منها وصرف للضرورة، أو هو لغة حكاها الخفش قائلا كأنها لغة الشعراء، لأنهم اضطروا إليه في الشعر فجرى، على ألسنتهم في غيره جمع خافق أو خافقة من خفقت الراية تحقق بكسر الفاء وضمها أو صفة لأمم بالمفرد يعد الجملة من خفق الأرض بنعله وهو صوت النعل وخفق في البلاد ذهب، والبرق لمع والريح جرى، والطائر طار فوصفها بسرعة السير ولمعان الحديد، وصوت وقع حوافر الخيل ونحوه.
وبالرع مبتدأ قال الشامي: على تقدير لها خوافق، أي رايات أو خبر أي: هي خوافق، يعني الأمم، ويجوز أن التقدير على جر خوافق ذوي خوافق فمهما قدرنا حذف مضاف أو قلنا هي مبتدأ أو جررنا على البدل فالمراد الرايات، وإن خفضنا صفة لأمم أو قلنا هي خوافق فالخوافق الأمم لا الرايات. انتهى.
وفي نسخ حوافر بالراء قال أبو شامة، وهو تصحيف "ضاق" ضعف "ذراع" أي وسع "الخافقين" المشرق، والمغرب؛ لأن الليل والنهار يخفقان فيهما "بها" الرايات أو الأمم "في