كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت، فلما دنا منه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضالة"، قال: نعم يا رسول الله! قال: "ماذا كنت تحدث به نفسك"؟ قال: لا شيء، كنت أذكر الله، فضحك صلى الله عليه وسلم ثم قال: استغفر الله، ثم وضع يده على صدره، فسكن قلبه، فكان فضالة يقول: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما خلق الله شيئا أحب إلي منه.
وطاف صلى الله عليه وسلم بالبيت.
__________
وذكر عياض في الشفاء بنحوه كما في الإصابة "أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت" عام الفتح، "فلما دنا منه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضالة" قال: نعم" فضالة "يا رسول الله" هكذا ثبت فضالة بن نعم عند ابن هشام راوي هذا الخبر، وهو يفيد أن الهمز للاستفهام لا النداء هكذا نقله عنه اليعمري. وأما الشامي فنقله عنه بلفظ: يا فضالة وهو الذي قوى الشارح على جعلها للنداء. "قال: "ماذا كنت تحدث به نفسك". قال: لا شيء" أكرهه "كنت أذكر الله فضحك صلى الله عليه وسلم ثم قال: "استغفر الله" مما حدثت نفسك به وقولك لا شيء، "ثم وضع يده" المباركة الميمونة "على صدره فسكن قلبه" اطمأن، وثبت فيه الإسلام وحب خير الأنام، "فكان فضالة يقول والله ما رفع يده عن صدري، حتى ما خلق الله شيئا أحب إلي منه" هكذا لفظه عند ابن هشام، ونقله عنه كذلك اليعمري، والشامي في نسخة صحيحة يقع في بضع نسخه حتى ما خلق شيء وهو بمعناه إلا أن الكلام في العزو وبقية الخبر عند ابن هشام.
قال فضالة فرجعت إلى أهلي فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها، فقالت: هلم إلى الحديث، فقلت: لا وانبعث فضالة يقول:
قالت هلم إلى الحديث فقلت لا ... يأبى على الله والإسلم
لو ما رأيت محمدا وقبيله ... بالفتح يوم تكسر الأصنام
لرأيت دين الله أضحى بينا ... والشرك يغشى وجهه الأظلام
وأنشده بعضهم كما في الإصابة لو ما شهدت بدل رأيت وجنوده بدل قبيله وساطعا بدل بينا، "وطاف صلى الله عليه وسلم بالبيت" بعد أن استقر في خيمته ساعة، واغتسل وعاد للبس السلاح، والمغفر ودعا بالقصواء فأدنيت إلى باب الخيمة، وقد حف به الناس فركبها وسار وأبو بكر معه يحادثه فمر ببنات أبي أحيحة بالبطحاء، وقد نشرن شعورهن يلطمن وجوه الخيب بالخمر، فتبسم إلى أبي بكر واستنشده قول حسان الماضي يلطمهن بالخمر النساء إلى أن انتهى إلى الكعبة ومعه المسلمون، فاستلم الركن بمحجنه، وكبر فكبر المسلمون لتكبيره، ورجعوا التكبير حتى ارتجت

الصفحة 460