كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)
يوم الجمعة لعشر بقين من رمضان. وكان حول البيت ثلاثمائة وستون صنما، فكلما مر بصنم أشار إليه بقضيب وهو يقول: "جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا"، فيقع الصنم لوجهه. رواه البيهقي.
وفي رواية أبي نعيم: قد ألزقها الشياطين بالرصاص والنحاس.
__________
مكة تكبيرا حتى جعل صلى الله عليه وسلم يشير إليهم أن اسكتوا، والمشركون فوق الجبال ينظرون، فطاف بالبيت ومحمد بن مسلمة آخذ بزمام الناقة سبعا يستلم الحجر الأسود كل طرف "يوم الجمعة" على المعروف خلافا لما قدمه المصنف في المولد النبوي أنه يوم الاثنين، وإن جزم به بعض المتأخرين هنا فلا عاضد له "لعشر بقين من رمضان، وكان حول البيت" أي في الجهات المحيطة به وحرف من قال وعلى الكعبة لاقتضائه أنها على سطحها ولفظ الصحيحين وغيرهما وحول البيت "ثلاثمائة وستون صنما".
وفي رواية البخاري، نصب قال الحافظ: بضم النون والمهملة، وقد تسكن فموحدة ما نصب للعادة من دون الله، ويطلق ويراد به الحجارة التي كانوا يذبحون عليها للأصنام، وليست مرادة هنا، وعلى أعلام الطريق وليست مرادة هنا ولا في الآية، "فكلما مر بصنم أشار إليه بقضيبه" فعيل بمعنى مفعول وهو الغصن المقضوب أي المقطوع.
وفي البخاري بعود في يده وفي مسلم بسية القوس بكسر المهملة وفتح التحتية المخففة ما عطف من طرفه، وهو يقول: "جاء الحق" الإسلام "وزهق الباطل" بطل الكفر "إن الباطل كان زهوقا" مضمحلا زائلا من زهق روحه إذا خرج وفيه استحباب هذا القول عند إزالة المنكر، كما قال السيوطي "فيقع الصنم لوجهه" أي عليه.
وعند الفاكهي، وصححه ابن حبان، في حديث ابن عمر فيسقط الصنم، ولا يمسه وللفاكهي والطبراني، من حديث ابن عباس لم يبق وثن استقبله إلا سقط على قفاه مع أنها كانت ثابتة بالأرض قد شد لهم إبليس أقدامها بالرصاص.
"رواه البيهقي" عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وحول البيت فذكره، "و" كذا هو "في رواية أبي نعيم" عنه وزاد "قد ألزقها الشيطان بالرصاص" بفتح الراء. "والنحاس" بضم النون أي حملهم على ذلك فنسب إليه لكونه سببا فيه، وإلا فمعلوم أن الشيطان لم يفعل ذلك، كذا قال شيخنا, وحمله على الحقيقة أولى وإنما أبعد المصنف النجعة لقوله فيقع الصنم لوجهه.
ولزيادة أبي نعيم هذه وإلا فقد روى الشيخان عن ابن مسعود، قال: دخل صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: "جاء الحق وزهق الباطل، جاء الحق وما يبدئ الباطل، وما يعيد".