كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

يصيح بها، فضربها خالد فجزلها اثنتين، ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: "نعم تلك العزى، وقد يئست أن تعبد ببلادكم أبدا".
__________
وكسر الدال المهملتين وبالنون الخادم "يصيح بها"، وفي نسخة فيها أي في شأنها وبها، أظهر وهو يقول: يا عزى خبليه يا عزى عوريه ولا تموتي برغم، "فضربها خالد" وهو يقول: يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك.
وفي تفسير البغوي عن مجاهد وغيره: فضربها بالفاس فقلعها، واجتث أصلها، فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها، داعية ويلها، واضعة يدها على رأسها "فجزلها" بفتح الجيم وشد الزاي قطعها "اثنتين" قطعتين وفي نسخة باثنتين بباء زائدة للتأكيد، كما قال النووي وغيره في نحوه. واختار الدماميني أنها للمصاحبة وهي ومدخولها ظرف مستقر منصوب المحل على الحال أي فقطعها ملتبسة بقطعتين، ولا مانع من جمع القطع وكونها اثنتين، في حالة واحدة وليس المراد أن انقسامها إلى اثنتين كان ثابتا قبل القطع، وإنما هو معه وبسببه، "ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره"، فقال: "نعم تلك العزى وقد يئست" بفتح التحتية وكسر الهمزة وسكون السين وضم التاء "أن تعبد ببلادكم أبدا"، وقد علمت من نقل البغوي، أنها كانت شيطانة خرجت من أصل الشجرة، وفيه علم من أعلام النبوة، حيث أعلمه أنه لم يهدمها أولا، لأنه لم يزل ما هو الداعي إلى تجديدها، ولعل تلك الشيطانة كانت تكلمهم، أو تظهر لهم، فربما أمرتهم بتجديدها، أو تخبرهم أنها ولو قطعت شجراتها أو كسرت حجارتها، لم تزل عظمتها، وفي خروجها لخالد ثانيا آية أخرى لأنها لم تكن مشاهدة.
"هدم سواع":
ثم سرية عمرو بن العاصي إلى سواع
__________
هدم سواع:
"ثم سرية عمرو بن العاصي" رضي الله عنه "إلى سواع" بضم السين وفتحها، كما في القاموس قال ابن جرير: سواع ابن شيث بن آدم، لما مات، صورت صورته وعظمت لموضعه من الدين، ولما عهدوا في دعائه من الإجابة، وأولاده يغوث ويعوق ونسر، فلما مات صورت صورهم، فلما خلفت الخلوف، قالوا ما عظم هؤلاء آباؤنا إلا لأنها ترزق وتنفع وتضر، فاتخذوها آلهة.

الصفحة 489