كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

صنم للأوس والخزرج بالمشلل، في شهر رمضان، حين فتح مكة، فخرج في عشرين فارسا حتى انتهى إليها، قال السادن: ما تريد؟ قال: هدم مناة، قال: أنت وذاك.
فأقبل سعد يمشي إليها، فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها، فضربها سعد بن زيد فقتلها، وأقبل إلى الصنم ومعه أصحابه فهدموه وانصرف راجعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك لست بقين من رمضان.
__________
فالثالثة نعت لمناة، أي الثالثة للصنمين في الذكر، والأخرى نعت للثالثة، وإن كانت العرب لا تقول للثالثة الأخرى، قال الخليل لو فاق رءوس الآي، كقوله: {مَآرِبُ أُخْرَى} ولم يقل أخر، وقيل: في الآية تقديم وتأخير مجازها: أفرأيتم اللات والعزى الأخرى ومناة الثالثة، قاله في معالم التنزيل، "صنم للأوس والخزرج" ومن دان بدينهم من أهل يثرب، قاله ابن إسحاق.
زاد ابن سعد وغسان أي صنمهم قبل الهجرة، وكذا قول عائشة، كان الأنصار يهلون لمناة، وقال قتادة صنم لخزاعة، وقال الضحاك لها ولهذيل، وقال ابن زيد لبني كعب "بالمشلل" جبل على ساحل البحر يهبط منه إلى قديد، وقالت عائشة: كانوا يهلون لمناة وكانت حذو قديد، ومن الغريب ما وقع في معالم التنزيل عن بعضهم، أن اللات والعزى ومناة أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة يعبدونها، ولو كانت كذلك لأزالها في جملة ما أزاله من الأصنام، وما بعث إليها "في شهر رمضان حين فتح مكة، فخرج في عشرين فارسا حتى انتهى إليها، وعليها سادن. "قال السادن: ما تريد؟ قال": أريد, أو مرادي "هدم مناة، قال: أنت وذاك" تهكما لظنه أنه لا يقدر عليها، "فأقبل سعد يمشي إليها، فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس" بمثلثة منتشرة الشعر، "تدعو بالويل وتضرب صدرها", فقال السادن: مناة دونك بعض عصاتك، "فضربها سعد بن زيد فقتلها، وأقبل إلى الصم ومعه أصحابه فهدموه" ولم يجدوا في خزانته شيئا.
"وانصرف راجعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك لست بقين من رمضان" فكان اللائق تقديمها على العزى، لكنه قدمها عليها تبعا للعيون, وغيرها لتقديمها في الذكر العزيز، وللاهتمام بشأن ذكر هدمها؛ لأنها كانت من أصنام قريش، كما قال أبو سفيان ليلة أسلم: كيف أصنع بالعزى، فقال له عمر: تخرأ عليها كما مر، ثم كون سعد هو المبعوث إليها، هو ما ذكره ابن سعد في طائفة.
وقال ابن إسحاق بعث صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب فهدمها، قال ابن هشام: ويقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه وعن بقية الصحابة والتابعين آمين والحمد لله رب العالمين

الصفحة 491