كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

وفي البخاري: لم يحسنوا أن يقولوا فقالوا: صبأنا.
فقال لهم: استأسروا فاستأسر القوم، فأمر بعضهم فكتف بعضا، وفرقهم في أصحابه، فلما كان السحر، نادى منادي خالد: من كان معه أسير فليقتله، فقتلت بنو سليم من كان بأيديهم، وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أسراهم.
فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من رجل فقال: "اللهم إني أبرأ إليك من فعل خالد". وبعث عليا فودى لهم قتلاهم.
__________
"وفي البخاري" عن ابن عمر بعث صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام، "فلم يحسنوا أن يقولوا ذلك، فقالوا: صبأنا" لفظ البخاري أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا ... الحديث، وعاد المصنف لرواية ابن سعد دون بيان، فيوهم أنها من جملة عزوه للبخاري، وليس كذلك لكنه اتكل على شهرة ذلك، "فقال لهم: استأسروا فاستأسر القوم"، كذا في نسخ العيون برفع القوم فاعل استأسر اللازم، وفي نسخة فاستأسروا بزيادة واو ونصب القوم، وكأنها تحريف إذ يأباها قوله: "فأمر بعضهم فكتف" بفتح التاء مخففة "بعضا" لأنه بيان لقوله استأسروا "وفرقهم في أصحابه"، وفي البخاري: فجعل خالد يقتل منهم، ويأسر ودفع إلى كل رجل منا أسيرا، قال الحافظ: فيجمع بينه وبين كلام ابن سعد هذا، بأنهم أعطوا ما بأيديهم بغير محاربة، "فلما كان السحر، نادى منادي خالد: من كان معه أسير فليقتله،" لفظ الرواية فليذافه، والمذافة الإجهاز "بالسيف، فنقلها بالمعنى لأنه لم يقيد بها، "فقتلت بنو سليم من كان بأيديهم، أما المهاجرون والأنصار فأرسلوا" أطلقوا "أسراهم" ولم يذكر أسرى بني مدلج لأن هذا كلام ابن سعد، ولم يذكروا في روايته فأما أنهم لم يثبتوا عنده، أو أراد ببني سليم ما يشملهم.
وفي البخاري حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، وكان تامة ويوم بالتنوين، أي زمن لرواية ابن سعد، فلما كان السحر. وأصاب ابن عمر: هم المهجارون والأنصار، وفيه الخلف على نفي فعل الغير، إذ أوثق بطواعيته، كما في الفتح والمصنف، "فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من رجل" انفلت منهم، ذكر ابن هشام في زيادته عن بعض أهل العلم، أنه انفلت رجل من القوم، فأتاه صلى الله عليه وسلم فأخبره، قال: "هل أنكر عليه أحد"، قال: نعم رجل أبيض ربعة، فنبهه خالد فسكت، وأنكر عليه آخر طويل مضطرب فراجعه، فاشتدت مراجعتهما، فقال عمر: أما الأول فابني عبد الله، وأما الآخر فسالم مولى أبي حذيفة، فقال: "اللهم إني أبرأ إليك من فعل خالد" وبقية حديث ابن عمر عند البخاري، حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرناه له، فرفع يديه، فقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد". مرتين، "وبعث عليا فودى لهم قتلاهم" ما ذهب منهم وعند ابن إسحاق من مرسل

الصفحة 493