كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة يوم السبت لست خلون من شوال، في اثني عشر ألفا من المسلمين: عشرة آلاف من أهل المدينة وألفان ممن أسلم من أهل مكة. وهم الطلقاء، يعني: الذين خلى عنهم يوم فتح مكة وأطلقهم فلم يسترقهم، واحدهم طليق -فعيل بمعنى مفعول- وهو الأسير إذا أطلق سبيله.
واستعمل صلى الله عليه وسلم على مكة عتاب بن أسيد.
__________
فاستعمله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه وتلك القبائل، فكان يقاتل بهم ثقيفا، لا يخرج لهم سرح، إلا أغار عليه، حتى ضيق عليهم، "فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة يوم السبت لست خلون من شوال", قاله الواقدي وغيره، وقال ابن إسحاق وعروة: لخمس منه واختاره ابن جرير وروي عن ابن مسعود, فأما إنه للاختلاف في هلال الشهر، أو من قال لست عد ليلة الخروج، ومن قال لخمس لم يعدها؛ لأنه لما خرج في صبيحتها، كأنه خرج فيها وقيل: خرج لليلتين بقيتا من رمضان، وجمع بعضهم، كما في الفتح وغيره: بأنه بدأ بالخروج في أواخر رمضان، وسار سادس شوال، ووصل إليها في عاشره، "في اثني عشر ألفا من المسلمين عشرة آلاف" الذين خرج بهم "من أهل المدينة" أربعة آلاف من الأنصار، وألف من جهينة، وألف من مزينة، وألف من أسلم، وألف من غفار، وألف من أشجع، وألف من المهاجرين وغيرهم.
رواه أبو الشيخ عن محمد بن عبيد بن عمير الليثي، "وألفان ممن أسلم من أهل مكة" قاله ابن إسحاق، ومن وافقه في أن جميع من حضر الفتح عشرة آلاف، فزادوا ألفين، "وهم الطلقاء" الذين قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، "يعني الذين خلى عنهم يوم فتح مكة، وأطلقهم، فلم يسترقهم", بل منَّ عليهم بعدما كانوا مظنة لأن يسترقهم، "وأحدهم طليق فعيل بمعنى مفعول وهو الأسير إذا أطلق سبيله"، فكأنه جعلهم أسرى، مع أنه لم يأسر أحدًا منهم بالفعل، تنزيلا لهم منزلة الأسرى، لقدرته عليهم ومنِّه.
قال الشامي: وعلى قول عروة، والزهري, وابن عقبة: يكون جميع الجيش الذين سار بهم أربعة عشر ألفا؛ لأنهم قالوا: قدم مكة باثني عشر ألفا، وأضيف إليهم ألفان من الطلقاء، قال شيخنا: ولا يتعين، بل يجوز أن الألفين الذين لحقوه بعد خروجه من المدينة رجعوا إلى أماكنهم بعد الفتح، وبقي من خرج معه من المدينة خاصة، وانضم إليهم الطلقاء، "واستعمل صلى الله عليه وسلم على مكة عتاب" بفتح المهملة والفوقية المشددة وبالموحدة, "ابن أسيد" بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وسكون التحتية فمهملة, ابن أبي العيص، بكسر المهملة, ابن أمية الأموي المكي، أمير

الصفحة 498