كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

فوصل إلى حنين ليلة الثلاثاء لعشر ليال خلون من شوال.
فبعث مالك بن عوف ثلاثة نفر يأتونه بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعوا إليه وقد تفرقت أوصالهم من الرعب.
ووجه صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، فدخل عسكرهم، فطاف به وجاء بخبرهم.
__________
ثلاثا، "قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون لتركبن سنن من كان قبلكم". "فوصل إلى حنين" كما رواه أبو نعيم والبيهقي من طريق ابن إسحاق.
قال: حدثني أمية بن عبد الله، أنه حدث أنه صلى الله عليه وسلم انتهى إلى حنين مساء "ليلة الثلاثاء" كأنه جعلها مضت مع إتيانهم فيها، فقال: "لعشر ليال خلون من شوال" ولم يحسب ليلة السبت مما مضى، فتكون سابعة وإلا فتكون ليلة الثلاثاء تاسعة؛ لأنه إذا حسبه ماضية، فالماضي بعدها ثلاث ليال، "فبعث مالك بن عوف" رئيس المشركين "ثلاثة نفر" من هوزان "يأتونه بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لفظ رواية أمية المذكور ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأمرهم أن يتفرقوا في العسكر، "فرجعوا إليه، وقد تفرقت أوصالهم" أي مفاصلهم جمع وصل بالكسر "من الرعب" بقية الرواية المذكورة، فقال، أي مالك: ويلكم ما شأنكم، فقالوا: رأينا رجالا بيضا على خيل بلق، فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، والله ما نقاتل أهل الأرض إن نقاتل إلا أهل السماء، وإن أطعتنا رجعت بقومك، فإن الناس إن رأوا مثل الذي رأينا، أصابهم مثل ما أصابنا. فقال: أف لكم بل أنتم أجبن أهل العسكر، فحبسهم عنده فرقا أن يشيع ذلك الرعب في العسكر، وقال: دلوني على رجل شجاع، فأجمعوا له على رجل، فخرج، ثم رجع إليه، قد أصابه كنحو ما أصاب من قبله، قال: ما رأيت؟ قال: رأيت رجالا بيض على خيل بلق، ما يطاق النظر إليهم، فوالله ما تماسكت أن أصابني ما ترى، فلم يثن ذلك مالكا عن وجهه، "ووجه صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي حدرد" بمهملات وزان جعفر، واسمه سلامة، وقيل: عبيد بن عمير بن أبي سلامة بن سعد بن سنان بن الحارث بن قيس بن هوازن بن أسلم "الأسلمي" الصحابي ابن الصحابي، المتوفى سنة إحدى وسبعين، وله إحدى وثمانون سنة، وما في نسخ ابن حدرد بإسقاط أبي غلط، "فدخل عسكرهم" كما أمره عليه السلام، "فطاف بهم، وجاء بخبرهم".
أخرج ابن إسحاق في رواية الشيباني، عن جابر وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم، أمر عبد الله بن أبي حدرد، فيقيم فيهم، وقال له: اعلم لنا من علمهم، فأتاهم، فدخل فيهم، فأقام فيهم يوما أو يومين، حتى

الصفحة 500