كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

قال يعلى بن عطاء راويه عن أبي همام عن أبي عبد الرحمن الفهري فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا: لم يبق هنا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه ترابا وسمعنا صلصلة من السماء كإمرار الحديد على الطست الجديد بالجيم.
قال في النهاية: وصف الطست وهي مؤنثة بالجديد وهو مذكر، إما لأن تأنيثها غير حقيقي فأوله على الإناء والظرف، أو لأن فعيلا يوصف به المؤنث بلا علامة تأنيث كما توصف به المرأة نحو: امرأة قتيل. انتهى.
ولأحمد والحاكم من حديث ابن مسعود: فحادت به صلى الله عليه وسلم بغلته، فمال السرج فقلت ارتفع رفعك الله.
__________
أبيض فرمى به، وقال: "هزموا ورب الكعبة" "قال يعلى" بتحتية أوله "ابن عطاء" العامري، ويقال: الليثي الطائفي, الثقة، المتوفى سنة عشرين ومائة أو بعدها، روى له مسلم والأربعة "راويه عن أبي همام" الكوفي عبد الله بن يسار، ويقال: عبد الله بن رافع مجهول من الثالثة، كما في التقريب روى له أبو داود "عن أبي عبد الرحمن الفهري" الصحابي المذكور، ومقول يعلى الموصوف بذلك هو قوله: "فحدثني أبناؤهم عن آبائهم قالوا: لم يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه ترابا", فزاد الفم "وسمعنا صلصلة" صوتا له دوي "من السماء كإمرار الحديد على الطست الجديد بالجيم" تنبيها على قوة الصوت الذي سمعوه، فإن صوت الجديد أقوى من العتيق.
"قال في النهاية: وصف الطست، وهي مؤنثة بالجديد، وهو مذكر إما لأن تأنيثها غير حقيقي، فأوله على الإناء والظرف" الواو بمعنى أو، وهذا قد يفهم أن المؤنث الحقيقي لا يصح مع أنه يصح بالتأويل على إرادة الشخص، كما صرحوا به كثيرا إلا أن غير الحقيقي أسهل "أو لأن فعيلا يوصف به المؤنث بلا علامة تأنيث، كما يوصف به المرأة حو: امرأة قتيل. انتهى", وفيه أن الذي يستوى فيه المذكر والمؤنث هو فعيل بمعنى مفعول كقتيل وجريح لا بمعنى فاعل، كقوله: جديد إذ معناه قامت به الجدة، ولذا اعترض من قال ذلك في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [الأعراف: 56] ، بأنه بمعنى فاعل؛ لأن معناه قام به القرب، "ولأحمد، والحاكم" والطبراني، وأبي نعيم, والبيهقي برجال ثقات "من حديث ابن مسعود" قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فولى الناس وبقيت معه في ثمانين رجلا من المهاجرين والأنصار، فقمنا على أقدامنا ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله تعالى عليهم السكينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته لم يمض قدما، "فحادت" مالت "به صلى الله عليه وسلم بغلته،" ولعل معناه خرجت عن الاستقامة لأمر أصابها، "فمال السرج" لخروجها عنها في نفسها، "فقلت: ارتفع رفعك الله" خطاب له ودعاء

الصفحة 513