كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

ووقع في شعر العباس بن عبد المطلب أن الذين ثبتوا كانوا عشرة فقط وذلك لقوله:
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة ... وقد فر من قد فر عنه فاقشعوا
وعاشرنا..................
__________
وعمر, وعلي، والعباس وابنه الفضل وأبو سفيان وربيعة ابنا الحارث، وابن أبي سفيان، قال ابن هشام: واسمه جعفر، وأسامة وأيمن بن عبيد استشهد، فهؤلاء عشرة، وتقدم في مرسل الحاكم، ذكر ابن مسعود، والثاني عشر يمكن تفسيره بعثمان، فقد روى البزار عن أنس: أن أبا بكر، وعمر، وعثمان وعليا ضرب كل منهم بضعة عشر ضربة، وممن ذكر الزبير بن بكار وغيره: أنه ثبت يومئذ عتبة ومعتب ابنا أبي لهب، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب، ونوفل وابن الحارث بن عبد المطلب، وعقيل بن أبي طالب، وشيبة بن عثمان الحجبي، فقد ثبت عنه أنه لما رأى الناس ولوا استدبر النبي صلى الله عليه وسلم ليقتله، فأقبل عليه فضربه في صدره وقال له: "قاتل الكفار". فقاتلهم حتى انهزموا، وقثم بن العباس.
قال مغلطاي: وفيه نظر لأن المؤرخين قاطبة فيما أعلم عدوه فيمن توفي وهو صغير، فكيف شهد حنينا؟ وعند الواقدي وغيره: من الأنصار أبو دجانة، وأبو طلحة، وحارثة بن النعمان، وسعد بن عبادة، وأسيد بن حضير وأبو بشر المازني، ومن نسائهم أم سليم، وأم عمارة، وأم الحارث، وأم سليط. قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر أنه صلى الله عليه وسلم رأى أم سليم، وكانت مع زوجها أبي طلحة، وهي حامل منه بعبد الله، وقد خشيت أن يضربها الجمل، فأدنت رأسه منها، وأدخلت يدها في خزامه مع الخطام، فقال صلى الله عليه وسلم: "أم سليم"؟. قالت: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله! أقتل المنهزمين عنك، كما يقتل الذين يقاتلونك، فإنهم لذلك أهل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو يكفي الله يا أم سليم".
وروى مسلم وغيره عن أنس قال: اتخذت أم سليم خنجرا عام حنين، وكان معها، فقال أبو طلحة: ما هذا؟ قالت: إن دنا مني بعض المشركين، أبج بطنه. فقال أبو طلحة: ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم، فضحك صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله أقتل الطلقاء انهزموا عنك، فقال: "إن الله قد كفى وأحسن يا أم سليم". "ووقع في شعر العباس بن عبد المطلب أن الذين ثبتوا كانوا عشرة فقط".
قال الحافظ: ولعل هذا هو المثبت، ومن زاد على ذلك يكون عجل في الرجوع، فعد فيمن لم ينهزم، "وذلك لقوله نصرنا رسول الله في الحرب تسعة، وقد فر من قد فر عنه" راعى لفظ من فأفرد ومعناها فجمع في قوله "فاقشعوا" أي انكشفوا مطاوع قشع متعديا "وعاشرنا"

الصفحة 522