كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

انتهى.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام: "أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب". فقد قال العلماء: إنه ليس بشعر؛ لأن الشاعر إنما سمي شاعر الوجوه، منها: أنه شعر القول وقصده واهتدى إليه، وأتى به كلاما موزونا على طريقة العرب مقفى، فإن خلا من هذه الأوصاف أو بعضها لم يكن شعرا، ولا يكون قائله شاعرا, والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد بكلامه ذلك الشعر، ولا أراده، فلا يعد شعرا، وإن كان موزونا.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام: "أنا ابن عبد المطلب". ولم يقل: أنا ابن عبد الله، فأجيب: بأن شهرته كانت بجده أكثر من شهرته بأبيه، لأن أباه توفي في حياة أبيه عبد المطلب قبل مولده عليه الصلاة والسلام.
__________
أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} إلى قوله {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218] وفي تفسير ابن سلام كان الفرار يوم بدر من الكبائر، وكذا يكون في ملحمة الروم الكبرى وعند الدجال، وأيضا فقد رجعوا لجيشهم وقاتلوا معه حتى فتح الله عليهم. "انتهى".
وأما قوله عليه الصلاة والسلام: "أنا النبي" حقا، "لا كذب" في ذلك، أو: والنبي لا يكذب، فلست بكاذب حتى أنهزم، "أنا ابن عبد المطلب" مع قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] "فقد قال العلماء" في الجواب عنه: "إنه ليس بشعر؛ لأن الشعر إنما سمي شاعر الوجوه منها أنه شعر القول، وقصده، واهتدى إليه، وأتى به كلاما موزونا على طريقة العرب مقفى، فإن خلا من هذه الأوصاف" الستة، "أو" من "بعضها لم يكن شعرا، ولا يكون قائله شاعرا والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد بكلامه ذلك الشعر، ولا أراده فلا يعد شعرا، وإن كان موزونا" الوا للحال؛ لأن هذا موزون، واقتصر على هذا القول الحافظ، لأنه أعدل الأجوبة، ومنها أن لا يكون شعرا حتى تتم قطعة، وهذه كلمات يسيرة لا تسمى شعرا، وقيل: إنه نظم غيره وكان أنت النبي لا كذب، أنت ابن عبد المطلب، فذكره بلفظ أنا في الموضعين، والممتنع عليه إنشاء الشعر، لا إنشاده، وقيل: هو رجز، وليس من أقسام الشعر، وهذا مردود لأن الجمهور على أن الرجز شعر: "وأما قوله عليه الصلاة والسلام أنا ابن عبد المطلب، ولم يقل: أنا ابن عبد لله" فانتسب إلى جده دون أبيه، "فأجيب بأن شهرته كانت بجده أكثر من شهرته بأبيه، لأن أباه توفي" شابا، "في حياة أبيه عبد المطلب قبل مولده عليه الصلاة والسلام" على أصح الأقوال.

الصفحة 524