كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

وأمثالًا له. ويُجاب الشرط بـ "إذا" كما يُجاب بالفاء. قال الله تعالى {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} (¬1).
* * *
قال الشارح: إنما كان في "إذا" معنى المجازاة؛ لأن جوابها يقع عند الوقت الواقع، كما تقع المجازاةُ عند وقوع الشرط. ومثلُه قولك: "الذي يأتيني فلَهُ درهمٌ"، فيه معنى المجازاة؛ لأنه بالإتيان يستحق الدرهمَ. ولا يُجازَى بها، فيُجْزَمَ ما بعدها؛ لِما تقدم من توقيتها، وتعيينِ زمانها، فلذلك كان ما بعدها من الفعل مرفوعًا، نحوَ قوله [من البسيط]:
639 - تُصغِى إذا شَدها للرحْل جانِحَة ... حتى إذا ما استَوَى في غَرْزِها تَثِبُ
ولا يُجزَم بها إلا في الشعر، نحوِ قوله [من الطويل]:
640 - إذا قَصُرَتْ أسْيافُنا كان وَصلُها ... خُطانَا إلى أعْدائِنا فنُضارِبِ
¬__________
(¬1) الروم: 36.
639 - التخريج: البيت لذي الرمة في ديوانه ص 48؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 119؛ ولسان العرب 11/ 426 (عجل)، 14/ 461 (صفا)؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 706؛ ولسان العرب 10/ 213 (طبق).
اللغة: تصغي هنا معناه: تسكن. استوى: أي استقر الراكب عليها. الغرز للرحل: كالركاب للسرج. الجانحة: المائلة.
المعنى: يصف ناقة مؤدبة تسكن إذا ما شُد الرحل عليها، وإذا استوى عليها راكبها سارت في سرعة.
الإعراب: "تُصغى": فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر جوازًا تقديره: هي. "إذا": ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل "تصغي". "شَدها": فعل ماض مبني على الفتح، و"ها": مفعول به، والفاعل مستتر جوازا تقديره: هو. "للرحل": جار ومجرور متعلقان بالفعل "شَد". "جانحة": حال. "حتى": حرف غاية وابتداء، "إذا": ظرف زمان مبنى على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط معلق بالفعل "تَثِبُ". "ما": زائدة. "استوى": فعل ماض مبنى على الفتح المقدر على الألف للتعذر، والفاعل مستتر جوازا تقديره: هو. "في غرزها": جار ومجرور متعلقان بالفعل استوى، و"ها": مضاف إليه محله الجر. "تَثِبُ": فعل مضارع مرفوع، والفاعل مستتر جوازًا تقديره: هي.
جملة "تصغي": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "شَدها": مضاف إليها محلها الجر. وجملة "إذا ما استوى ... تَثِب": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "استوى": مضاف إليها محلها الجر. وجملة "تَثِبُ": جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه رفع ما بعد "إذا" على ما يجب لها, لأنها تدل على وقت بعينه، وحرف الشرط مبني على الإبهام في الأوقات وغيرها.
640 - التخريج: البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه ص 88؛ وخزانة الأدب 7/ 25، 27؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 137؛ والشعر والشعراء ص 327؛ والكتاب 3/ 61؛ ولرقيم أخي بني الصاردة في خزانة الأدب 7/ 29، 30.

الصفحة 124