كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

دون غيرها، فلذلك قلنا: إن المراد: بين أوقات نحن نرقبه. ومثله قوله [من الكامل]:
بَينَا تَعَنقِهِ الكماةَ وروغِهِ ... يَومًا، أُتِيحَ له جَرِيءٌ سَلفَعُ (¬1)
والمراد: بين أوقاتِ تعنقِه الكماةَ.

فصل ["لدي" ولغاتها]
قال صاحب الكتاب: ومنها "لدى", والذي يفصل بينها وبين "عند" أنك تقول: "عندي كذا" لما كان في ملكك, حضرك أو غاب عنك، و"لدي كذا" لما لا يتجاوز حضرتك. وفيها ثماني لغات: "لدى", و"لدن" و"لدن" و"لد" بحذف نونها، و"لدن", و"لدن" بالكسر لالتقاء الساكنين، و"لَد" و"لُد" بحذف نونهما. وحكمها أن يجر بها على الإضافة كقوله تعالى: {من لدن حكيم عليم} (¬2). وقد نصبت العرب بها "غدوة" خاصة قال [من الطويل]:
641 - لدن غدوة حتى ألاذ بخفها ... بقية منقوص من الظل قالص
تشبيهًا لنونها بالتنوين , لما رأوها تُنزع عنها وتثبت.
* * *
قال الشارح: أعلم أن "لَدَى" ظرف مْنْ ظْروف الأمكنة بمعنى "عِندَ"، وهو مبني على السكون، والذي أوجب بناءه فَرْطُ إبهامه بوقوعه على كل جهة من الجهات الستّ،
¬__________
(¬1) تقدم بالرقم 530.
(¬2) النمل:6
641 - التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
اللغة: الغدوة: البكرة ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس. ألاذ: أحاط. قالص: منضم بعضه إلى بعض.
المعنى: ما زالت هذه الناقة تسير من قبل طلوع الشمس حتى أحاط الظل بخفها واجتمع حوله، أي: إلى وقت الاستواء.
الإعراب: "لدن": ظرف بمعنى: عند، مبني في محل نصب مفعول فيه، متعلق بفعل مقدر. "غدوة": اسم منصوب بـ "لدن": كأنه توهم أن هذه النون زائدة تقوم مقام التنوين، فنصب، كما تقول: "ضارب زيدا"، وقد أجاز الفراء فيها الرفع إجراء لِـ "لدن" مجرى "مُذ"، والجر إجراء لها مجرى "من" و"عنْ". "حتى": حرف جر. "ألاذَ": فعل ماض. "بخفها": جار ومجرور متعلقان بـ "ألاذ". و"خف": مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محلّ جرّ مضاف إليه. "بقية": فاعل مرفوع، وهو مضاف. "منقوص": مضاف إليه مجرور. "من الظل": جار ومجرور متعلقان بـ "منقوص". "قالص": نعت مجرور. وجملة "ألاذ" في تأويل مصدر في محلّ جر بحرف الجر. والشاهد فيه انتصاب "غدوة" بـ "لدن" تشبيها لنونها بالتنوين.

الصفحة 127