كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

وبُني لتضمنه همزةَ الاستفهام، وحرك آخِره لالتقاء الساكنين , وفُتح على طريق الإتباع لما قبله، إذ الألفُ من جنس الفتحة، أو إتباعًا للفتحة قبله، إذ الألفُ حاجر غيرُ حصين، كما فعلوا فى "شَتانَ" كذلك.
وأما "لَما" فظرف زمان إذا وقع بعده الماضي، نحو قولك: "جئت لما جئتَ". ومعناه معنى "حينَ"، وهو الزمان المبهم. وهو مبني لإبهامه واحتياجِه إلى جملة بعده، كبناءِ "إذْ" و"إذَا". وهو مركب من "لِمَ" النافية و"ما"، فحصل فيها بالتركيب معنى لم يكن لها، وهو الظرفية. وخرجتْ بذلك إلى حيّز الأسماء، فاستحالت بالتركيب من الحرفية إلى الاسمية، كما استحالت "إذ" بدخول "مَا" عليها من الاسمية إلى الحرفية، وتغير معناها بالتركيب من المُضي إلى الاستقبال.
* * *

[أمس]
قال صاحب الكتاب: و"أَمسِ" وهي متضمنة معنى لام التعريف مبنية على الكسر عند الحجازيين، وبنو تميم يمنعونها الصرفَ، فيقولون: "ذَهَبَ أَمْسُ بما فيه"، و"ما رأيتُه مُذ أمسَ". قال [من الرجز]:
648 - لَقَد رأيتُ عَجَبًا مُذ أَمسَا ... عَجائِزًا مِثْلَ السعالِي خَمْسَا
* * *
¬__________
648 - التخريج: الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص 32؛ وأوضح المسالك 4/ 132؛ وخزانة الأدب 7/ 167، 168؛ والدرر 3/ 108؛ وشرح الأشموني 2/ 537؛ وشرح التصريح 2/ 226؛ وشرح قطر الندى ص 16؛ والكتاب 3/ 284؛ ولسان العرب 6/ 9، 10 (أمس)؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص 95؛ والمقاصد النحوية 4/ 357؛ ونوادر أبي زيد ص 57؛ وهمع الهوامع 1/ 209؛ وجمهرة اللغة ص 841، 863.
اللغة: السعالي: ج السعلاة وهي أخبث الغيلان، أو ساحرة الجن كما كان يعتقد الجاهليون.
المعنى: من العجائب التي رأيتها أمس تلك العجائز الخمس اللواتي يشبهن الغيلان.
الإعراب: "لقد": اللام: موطئة لجواب القَسَم، و"قد": حرف تحقيق. "رأيت": فعل ماض مبني على السكون، والتاء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. "عجبًا": مفعول به منصوب. "مُذ": حرف جر. "أمسا": اسم مجرور بالفتحة لأنّه ممنوع من الصرف للعلمية والعدل، والألف: للإطلاق، والجار والمجرور متعلقان بـ "رأيت": "عجائزًا": بدل من "عجبًا" منصوب. "مثل": نعت "عجائزًا". وهو مضاف. "السعالى": مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة. "خمسًا": نعت "عجائزًا".
وجملة "رأيت عجبًا ... ": لا محل لها من الإعراب لأنها جواب القسم.
والشاهد فيه قوله: "مذ أمسا" حيث جاءت كلمة "أمس" غير منصرفة، فجُرَّت بالفتحة، والألف للإطلاق.

الصفحة 136