كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

المضاف إليه. فإذا وقعت بعدها من وذلك كثير من استعمالهم منه قوله تعالى: {وكم من قرية} (¬1)، {وكم من ملك} (¬2) , كانت منونة في التقدير, كقولك كثير من القرى ومن الملائكة. وهي عند بعضهم منونة أبداً والمجرور بعدها بإضمار "من".
* * *
قال الشارح: قد تقدّم القول: إِنّ "كم" في الخبر في تأويل اسم منصرف في الكلام، يجُرّ ما بعده إذا أُسقط التنوين منه، نحو: "مائةُ درهم"، و"مائتَيْ دينارٍ". وتدخل "من" على مميِّزها كثيرًا، نحو قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ} (¬3)، {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ} (¬4)؛ لأنّ الإضافة فيها مقدَّرةٌ بـ "مِنْ" على حدِّ "بابُ ساجٍ"، و"جُبَّةُ صُوفٍ". فإذا قلت: "كم قريةٍ"، و"كم ملكٍ"، فكأنّك قلت: "كثيرٌ من القرى، وكثيرٌ من الملائكة". فإذا أظهرتَ "مِنْ"، كان العملُ لها دون "كم"، والكوفيون (¬5) يخفضون ما بعد "كم" على كلِّ حال بـ "من"، فإن أظهرتَها، فهي الخافضةُ، وإن لم تُظْهِرها، فهي مرادةٌ مقدَّرةٌ كما تُحذَف "رُبَّ" وتُقدَّر، ولذلك حسُن الفصلُ بين "كم" والمخفوض بعدها. وتكون "كم" عندهم في تقدير اسم منوّنٍ على كل حال. وهو ضعيف؛ لأنّ المجرور داخلٌ فيما قبله، فهما في موضع اسم واحد، ولا يحسن حذفُ بعض الاسم، فاعرفه.

فصل ["كأين" ولغاتها]
قال صاحب الكتاب: وفي معنى "كم" الخبرية "كأين", وهي مركبة من كاف التشبيه و"أي", والأكثر أن تستعمل مع "من". قال الله عز وجل: {فكأين من قرية أهلكناها} (¬6). وفيها خمس لغات: كأين، وكاءٍ بوزن "كاعٍ"، وكيء بوزن كيع، وكأي بوزن كعي، وكإ بوزن كع.
* * *
قال الشارح: اعلم أنّ "كَأَيِّنْ" اسمٌ معناه معنى "كم" في الخبر، يكثُر به عدّةُ ما يضاف إليه، نحو قوله [من الطويل]:
675 - وكاءٍ ترى مِنْ صامتٍ لكَ مُعْجِبٍ ... زِيادتُه أونقْصُه في التكَلُّمِ
¬__________
(¬1) النجم: 26.
(¬2) الأعراف: 4.
(¬3) النجم: 26.
(¬4) الأعراف: 4.
(¬5) انظر المسألة الحادية والأربعين في كتاب "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين". ص 303 - 309.
(¬6) الحج: 45، وفي الطبعتين: "وكأين"، تحريف.
675 - التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في شرح المعلقات السبع للزوزني ص 122؛ وبلا نسبة في =

الصفحة 180