كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

ومن أصناف الاسم

المثنَّى
فصل [تعريفه]
قال صاحب الكتاب: وهو ما لحقت آخره زيادتان: ألف أو ياء مفتوح ما قبلها، ونون مكسورة، لتكون الأولى علماً لضم واحد إلى واحد، والأخرى عوضاً مما مُنع من الحركة والتنوين الثنتين في الواحد.
* * *
قال الشارح: اعلم أنّ التثنية ضمُّ اسم إلى اسم مثلِه، واشتقاقُها من "ثَنَّى يُثَنِّي" إذا عطف، يقال: "ثنّى العُودَ" إذا عطفه عليه، فكأنّ الثاني معطوف. وأصلُها العطف، فإذا قلت: "قام الزيدان"، فأصله: زيدٌ وزيدٌ، لكنّهم إذا اتّفق اللفظان، حذفوا أحدَ الاسمين، واكتفوا بلفظ واحد، وزادوا عليه زيادةً تدلّ على التثنية، فصارا في اللفظ اسمًا واحدًا، وإن كانا في الحكم والتقدير اسمَيْن. وكان ذلك أوجزَ عندهم من أن يذكروا الاسمين، ويعطفوا أحدهما على الآخر، فإذا ثنّوا الاسم المرفوع، زادوا في آخِره ألفًا ونونًا، وإذا ثنّوا الاسم المجرور أو المنصوب، زادوا في آخره ياء مفتوحًا ما قبلها ونونًا مكسورةً، فيكون لفظُ المجرور كلفظ المنصوب، فالزائدُ الأوّلُ -وهو الألف أو الياء- يكون عوضًا من الاسم المحذوف، ودالًّا على التثنية، ولذلك كان حرف الإعراب. فالأصلُ في قولك: "الزيدان": زيدٌ وزيدٌ، والذي يدلّ على ذلك أنّ الشاعر إذا اضطُرّ عاود الأصل، نحو قوله [من الرجز]:
676 - كَأَنَّ بَيْنَ فكّها والفَكِّ ... فَأْرَةَ مِسْكٍ ذُبِحَتْ في دسُكِّ
¬__________
676 - التخريج: الرجز لمنظور بن مرثد في خزانة الأدب 7/ 462، 468، 469؛ ولسان العرب 10/ 436 (زكك)؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 201؛ وأسرار العربية ص 47؛ وجمهرة اللغة ص 135.
اللغة: الفَكُّ: الحنك. المِسْك: ضرب من الطيب، وكذلك السُّكُّ. والفأرة (هنا) الوعاء الذي يجتمع فيه المسك. ذبِحَتْ: (هنا) فُتِقَتْ، أو شُقَّتْ.
المعنى: وصف امرأة بطيب الفم، فريح المسك يخرج من فيها.
الإعراب: "كأنَّ": حرف مثله بالفعل. "بينَ": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بخبر =

الصفحة 185