كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

ما لم يُستعمل، كما جاؤوا بشيء من المجموع على غير واحده، نحوِ: "حاجَةٍ"، و"حَوائِجَ"، و"شَبَهٍ"، و"مَشايِهَ"، و"ذَكرٍ"، و"مَذاكِيرَ". ويجوز أن يكون بنوا "خصيتان"، و"أليتان" على التثنية، كم بنوا "مذْرَوانِ"، ثمّ أسقطوا التاء حينئذ، لئلّا يصير عَلَمُ التأنيث حَشوًا من كلّ وجه. وليس كـ "قائمتان"؛ لأنّ التثنية في تقدير الانفصال. قال أبو عمرو: الخُضيَتان: البَيْضَتان، والخُصْيان: الجِلْدتان اللتان فيهما البيضتان، فأمّا قول الراجز، أنشده سيبويه [من الرجز]:
كأن خُصْيَيْهِ من التَّدَلْدُلِ ... ظَرْفُ عَجُوزٍ فيه ثِنْتَا حَنْظلِ
فشاهد على حذف التاء في التثنية، وذلك على قولِ من لا يفرق، وفيه شذوذان: أحدهما حذف التاء من "خُصْيَةٍ" في التثنية، هذا الشذوذُ من جهة القياس دون الاستعمال، والآخرُ قوله: "ثنتا حنظل"، والقياسُ أن يقول: "حَنْظَلَتانِ". والتَّدَلْدُلُ: الاضطراب، وخصّ ظرفَ العجوز، لأنّها لا تستعمل طِيبًا ولا غيرَه ممّا تتصنّع به النساءُ للرجال، وإنّما تذخَر فيه ما تتعانى به من الحنظل ونحوه. فأمّا "ألْيَة"، فلم يُسمَع فيها إلا الفتح. وفي التثنية: ألْيانِ، وأنشد [من الرجز]:
يرتح ألْياهُ ارتجاجَ الوَطْبِ
والقياس: ألْيَتاه، فحذف التاء لِما ذكرناه، وحذف النون للإضافة. والوَطْبُ: النَّحْيُ، أو ارتجاجُه: اضطرابُه إذا كان مملوءًا.
وقوله: "إذا لم يكن مثنَّى منقوصِ" يريد إلا أن يكون الاسم المثنّى منتقصًا منه في حال الإفراد، نحوِ: "أخٍ" و"أبٍ"، فإنّك تُغيره برَدّه إلى أصله من ظهورِ ما حُذف منه، نحوِ: "أخَوانِ"، و" أبَوانِ"، فاعرفه.
* * *

[سقوط نون المثني بالإضافة وألفه بملاقاة ساكن]
قال صاحب الكتاب: وتسقط نونه بالإضافة كقولك غلاماً زيد، وثوبي عمرو، وألفه بملاقاة ساكن كقولك التقت حلقتا البطان (¬1).
* * *
قال الشارح: وتسقط نون التثنية للإضافة، نحوَ: "جاءني غلاما زيد"، و"رأيت
¬__________
(¬1) هذا القول من أمثال العرب، وقد ورد في تمثال الأمثال 1/ 265؛ وجمهرة الأمثال 1/ 188؛ والعقد الفريد 3/ 121؛ وكتاب الأمثال ص 343؛ ولسان العرب 10/ 62 (حلق)، 13/ 53 (بطن)؛ والمستقصى 1/ 306؛ ومجمع الأمثال 2/ 186.
والبِطان: الحزام الذي يُجعل تحت بطن الدابّة. والتقاء حلقتيه دليل على اضطراب العقد وانحلاله. يُضرب في تفاقم الشّرّ.

الصفحة 194