كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

التعريف، نحوَ: "الرجلان" و"الغلامان". ألا ترى أنّك لو أفردتَ هذا الاسم، لم تجد فيه إلا الحركةَ وحدَها، نحوَ قولك: "الرجلُ"، و"الغلامُ".
والحالُ التي تكون فيها النونُ عوضًا من التنوين وحدَه، فهو إذا كان مضافًا، نحوَ: "غلاما زيدٍ"، و"فرسا خالدٍ". ألا تراك تحذفها كما تحذف التنوينَ للإضافة؟ والصحيحُ المذهب الأوّل، وقد تقدّمت الدلالةُ على صحّته.
واعلم أنّه قد تُحذف أيضًا ألفُ التثنية، وذلك إذا لقيها ساكنٌ بعدها من كلمة أُخرى، كقولك: "جاءني غلاما ابْنك" و"الْتَقَتْ حَلْقَتَا البِطانِ" (¬1). حُذفت النون للإضافة، والألفُ لسكونها وسكونِ ما بعدها، وهو الباء في "ابنك"، واللام في "البطان"؛ لأنّ الهمزة زائلةً في الوصل.
فإن قلت: فأنت قد منعت من حذفها لسكون نون التثنية بعدها، فما بالُك حذفتها ها هنا؟ وما الفرقُ بين الموضعين؟ فالجواب أنّ الفرق بينهما أنّ نون التثنية لازمةٌ للمثنّى بمنزلةِ حرف من حروف الكلمة، وليس كذلك إذا كان من كلمتَيْن؛ لأنّه ليس بلازمٍ أن يُضاف إلى ما فيه ألفَّ ولامٌ، أو همزةُ وصلٍ. ألا تراك تقول: "هذان غلاما زيد، وصاحبا عمرو"، فكان الساكنُ إذا كان من كلمة أُخرى أمرًا عارضًا، والعارضُ لا اعتدادَ به. ألا تراك لا تُعيد المحذوفَ في "رمتِ المرأةُ" و"لم يقمِ الرجل"، وإن كانت التاء والميم قد تحرّكتا، إذ الحركةُ فيهما ليس أمرًا لازمًا، ولذلك قال: وتُحذف ألفه، يريد ألف المثنّى بمُلاقاةِ ساكنٍ، يعني من كلمتَيْن على ما ذكرنا، فاعرفه.

فصل [تثنية المقصور]
قال صاحب الكتاب: ولا يخلو المنقوص (¬2) من أن تكون ألفه ثالثة, أو فوق ذلك. فإن كانت ثالثة وعرف لها أصلٌ في الواو أو الياء, ردت إليه في التثنية كقولك قفوان وعصوان وفتيان ورحيان، وإن جهل أصلهما نظر فإن أميلت قلبت ياء كقولك: متيان وبليان في مسمين بـ "متى" و"بلى"، وإلا قلبت واواً كقولك: "لدوان" و"إلوان" في مسمين بـ "لدي" و"إلى".
* * *
قال الشارح: اعلم أنك إذا ثنّيتَ المقصور، وهو كلّ اسم وقعتْ في آخِره ألفٌ مفردةٌ، نحوُ: "رَحّى"، و"عَصًا"، فلا يخلو إمّا أن يكون ثُلاثيًّا، أو زائدًا على الثلاثة.
¬__________
(¬1) هذا القول من أمثال العرب، وقد تقدم تخريجه منذ قليل.
(¬2) يريد "الاسم المقصور".

الصفحة 196