كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

وقُصُورٌ"، و"رأيت دورًا وقصورًا"، و"مررت بدورٍ وقصورٍ" بخلافِ جمع الصحّة. وإنّما كان إعرابُه بالحركات؛ لأنّه أشبه المفردَ؛ لأنّ الصيغهَ تستأنف له كما تستأنف للمفرد، وليس كذلك جمعُ السلامة، فإن الصيغة فيه هي صيغةُ المفرد. وإنما زيد عليه زيادة تدل على الجمع، ويؤكّد شَبَهَ التكسير بالمفرد أنهم قد يصفون المفردَ بجمع التكسير، نحو قولهم: "بُرْمَةٌ أعْشارٌ" (¬1)، و"ثَوْبٌ أَسْمالٌ" (¬2)، و"قِدْرٌ أَكْسارٌ" (¬3)، ولا يفعلون ذلك في جمع السلامة فاعرفه.
* * *
قال صاحب الكتاب: وحكم الزيادتين في "مسلمون" نظير حكمهما في مسلمان: الأولى علم ضم الإثنين فصاعداً إلى الواحد، والثانية عوض عن الشيئين، وتسقط عند الإضافة.
* * *
قال الشارح: حكم الزيادتَيْن في الجمع السالم، وهما الواو والنون في الرفع، والياء والنون في الجرّ والنصب، حكم الزيادتَيْن في التثنية، فكما كانت الألف في التثنية عوضًا من ضمِّ اسم إلى اسم، وهو معنى الدلالة على التثنية، والثاني، وهو النون، عوضًا من الحركة والتنوين على ما قرّرناه، فكذلك الواو في الجمع السالم، والياء عوضٌ من ضمِّ الاسمَيْن فصاعدًا إلى الاسم المذكور، وهو معنى الجمع.
وفي هذه الواو ستُّ علامات: الجمعُ والتذكيرُ؛ لأنّ هذا الضرب من الجمع إنما هو للمذكرين ممّن يعقل، والسلامةُ، والقلّةُ، وعلامةُ الرفع، وحرف الإعراب، وكذلك الياء. هذا مذهبُ سيبويه، وقد تقدّم ذكرُ الخلاف فيه.
وأمّا النون؛ فعوضٌ من الحركة والتنوين اللذَيْن كانا في الواحد على حدّ ما ذكرناه في التثنية، قال: "وتسقطان في الإضافة"، يعني نون التثنية، ونون الجمع، نحو قولك: "جاءني مسلمُو زيدٍ"، و"رأيت مسلمِي زيد"، و"مررت بمسلمِي زيد"، كما تقول: "جاءني غلاما زيد" و"رأيت غلاميْ زيد"، و"مررت بغلامَيْ زيد". وإنّما حُذفت هذه النون في الإضافة؛ لأنها عوضٌ من الحركة والتنوين اللذَيْن كانا في الواحد، والتنوينُ يُحذف مع الإضافة، فحُذفت النون ها هنا كحَذْفه.
فإن قيل: فإذا كانت النون عوضًا من الحركة والتنوين جميعًا، فما بالُها تُحذف مع الإضافة مع ثبوتِ أحد بدلَيْها، وهو الحركةُ؟ قيل: لمّا ثبتتْ مع الألف واللام مع حذف أحد
¬__________
(¬1) أي: متكَسِّرة. وانظر: لسان العرب 4/ 573 (عشر).
(¬2) أي: بالٍ. وانظر: لسان العرب 11/ 354 (سمل).
(¬3) أي: عظيمة مُوَصَّلة لكِبرَها أو قِدَمها.
وانظر: لسان العرب 5/ 139 (كسر).

الصفحة 220