كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

الزيادة الأولى التي هي الألف لا تتغير كما تتغيَّر الزيادةُ الأولى في جمع المذكّر، نحو: "الزيدون"، و"الزيدين"، فتكون في الرفع واوًا، وفي الجرّ والنصب ياء.
وتثبت الزيادةُ الثانيةُ وهي التاء- في الجمع المؤنّث السالم، ولا تُحذف في الإضافة، نحو: "مسلماتُك". وتُحذف النون من جمع المذكر في الإضافة إذا قلت: "مسلمُوك"، و"مسلمُو زيد". فبالمعنى الذي استويا فيه؛ حُمل أحدهما على الآخر؛ لأنّ الشيء يُقاس على الشيء إذا كانا مشتبِهَيْن في معنًى ما، وإن كانا مختلفَيْن في أشياء أُخَرَ. فبالمشابهة حُمل جمع المؤنّث على جمع المذكّر، بأن جُعل للرفع علامةٌ مفردةٌ، وللجرّ والنصب علامة واحدة اشتركا فيها، فقيل: "جاءني مسلماتٌ"، و"رأيت مسلماتٍ"، و"مررت بمسلماتٍ". ولا يجوز فتحُ هذه التاء عندنا، وأجازه البغداديّون، وأنشدوا لأبي ذُؤَيْب [من الطويل]:
فلمّا اجْتَلاها بالإِيامِ تَحَيَّزَتْ ... ثُباتًا عليها ذُلُّها وانْكِسارُها (¬1)
وحكوا أيضًا: "سمعتُ لُغاتَهم". ولا حجّةَ لهم في ذلك، لاحتمالِ أن يكون "لُغاتٌ" و"ثُباتٌ" واحدًا، فأصلُ "ثُبَةٍ": "ثُبْوَةٌ"، وأصلُ "لُغَةٍ": "لُغْوَةٌ" مثل "نُقْرَةٍ"، و"ثُغرَةٍ"، وإن كان استعمالُهما بحذف اللام، إلّا أنّهم تمّموهما، كقولهم: "حُلاةٌ"، و"حُلى"، و"مُهاةٌ"، و"مُهَى". وقال أبو الخَطّاب: "واحدُ الطُّلَى طُلاةٌ"، فكذلك لغاتهم تكون على "فُعْلَةَ". وحكى أحمدُ بن يحيي "سِمٌ"، و"سُمٌ"، و"سُماةٌ"، فرَدَّ اللام، وإن كان الاستعمال بحذفها، فلُغاتٌ مثلُ "سُماةٍ". ومثله في الحذف والإتمام قولهم: "غَدٌ" و"غَدوٌ" في قوله [من الرجز]:
لا تَقْلُوَاها وادْلُوَاها دَلْوَا ... إنّ مع اليَوْمِ أَخاه غَدْوَا (¬2)
ويكون أجرى التاء في المفرد مجراها في الجمع، فردّ اللامَ مع المفرد كما تُرَدّ مع الجمع في قولهم: "أَخَواتٌ"، فإن قالوا: إِضافتُه إلى الجمع تدلّ أنّه جمعٌ؛ قيل: لا تدلّ إضافتُه إلى الجمع على أنّه جمع لاحتمالِ أن يكون من قبيل قوله [من الوافر]:
699 - كُلُوا في بَعْضٍ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا ... فإنّ زَمانَكُمْ زَمَنٌ خَمِيصُ
¬__________
(¬1) تقدم بالرقم 695.
(¬2) تقدم بالرقم 34.
699 - التخريج: البيت بلا نسبة في أسرار العربية ص 223؛ وتخليص الشواهد ص 157؛ وخزانة الأدب 7/ 537، 559، 560، 563؛ والدرر 1/ 152؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 374؛ والكتاب 1/ 210؛ والمحتسب 2/ 87؛ والمقتضب 2/ 172؛ وهمع الهوامع 1/ 50.
اللغة: تعفوا: تُمنح لكم العافية. الخميص: الجدب والجوع.
المعنى: على الإنسان أن يحسب للأيام الشديدة حسابها. وحتى الطعام يجب الإقلال منه، فأول فائدة منه هي الصحة.=

الصفحة 222