كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

فأمّا قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} (¬1)، فيحتمل أن يكون من قبيل البيت، اكتفى بلفظ الإفراد عن الجمع لعدم الإلباس، ويجوز أن يكون "السمعُ" مصدرًا، والمراد: مواضعُ سمعهم. ومثله قول الشاعر [من البسيط]:
700 - إنّ العُيُونَ التي في طَرْفِها مَرَضٌ ... قَتَّلْنَنا ثمَّ لم يُحْيِينَ قَتْلانَا
فإنّه أفرد "الطرف"، إذ كان مصدرًا كـ"السمع".
فإن قيل: فقد قالوا: "استأصل الله عَرْقاتَهم"، أي: شأفَتَهم، بفتح التاء، هكذا جاء في كتاب العَيْن عن الخليل (¬2)، وهذا الاسمُ ليس منتقصًا منه، فيقالَ: تُمِّمَ؛ قيل يحتمل أن يكون "عرقاتهم" واحدًا، والألفُ فيه للإلحاق بـ"دِرْهَم"، فألفُه كألف "مِعْزاةٍ"، و"سِعْلاةٍ"، فاعرفه.
¬__________
= الإعراب: "كلوا": فعل أمر مبني على حذف النون لأنّ مضارعه من الأفعال الخمسة، والواو: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، والألف: للتفريق. "في بعض": جارّ ومجرور متعلقان بالفعل "كلوا". "بطنكم": مضاف إليه مجرور، و"كم": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "تعفوا": فعل مضارع مجزوم (لأنه جواب الطلب) بحذف النون من آخره، والواو: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل، والألف: للتفريق. "فإن": الفاء: استئنافية، "إن": حرف مشبه بالفعل. "زمانكم": اسم "إن" منصوب، و"كم": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "زمن": خبر "إنّ" مرفوع بالضمة. "خميص": صفة مرفوعة.
وجملة "كلوا": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تعفوا": جواب شرط لأداة شرط مقدّرة لا
محل لها من الإعراب. وجملة "زمانكم زمن خميص": استئنافية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "في بطنكم" حيث وضع "البطن" موضع "البطون" اجتزاءً بالمفرد عن الجمع.
(¬1) البقرة: 7.
700 - التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص 163؛ وشرح شواهد المغني 2/ 712؛ والمقاصد النحوية 3/ 364.
اللغة: المرض هنا انكسار الجفن انكسار غُنْج ودلال.
المعنى: إن العيون التي تتكسر جفونها انكسار غنج ودلال قتلتنا قتلًا لا حياة بعده.
الإعراب: "إنَّ": حرف مشبه بالفعل. "العيون": اسمه. "التي": اسم موصول صفة لـ"العيون" محله النصب. "في طرفها": جارّ ومجرور متعلقان بخبر مقدَّم محذوف، و"ها": مضاف إليه "مرض": مبتدأ مؤخر مرفوع. "قتَلننا": فعل ماضٍ، والنون: فاعل و"نا": مفعول به "ثم": حرف عطف. "لم": حرف نفي وقَلْب وجزم. "يحييْنَ": فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون النسوة، ومحله الجزم بـ"لم"، والنون: فاعل. "قتلانا": مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على الألف للتعذر، و"نا": مضاف إليه.
وجملة "إن العيون ... قتلننا": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "في طرفها مرض": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "قتلننا": خبر "إن" محلها الرفع، وعطف عليها جملة "لم يحيينَ".
والشاهد فيه قوله: "طرفها" حيث أفرد "الطرف" مع أنه عائد على العيون، وهي جمع، وخُرّج ذلك بأن (طرفًا) في الأصل مصدر يدلّ على المفرد والمثنى والجمع.
(¬2) كتاب العين 1/ 152 (عرق).

الصفحة 223