كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

ويروى: "رُوَيْدَ بني شيبان" من غير تنوين. ويحتمل أن يكون مصدرًا مضافًا إلى ما بعده، ويُؤيده روايةُ مَن نوّن. ويجوز أن يكون أراد اسمَ الفعل، ويكون "بني شيبان" منصوبًا به، كقوله: "رويدَ عَلِيًا".

فصل [أحكام "هلمَّ"]
قال صاحب الكتاب:"هَلُمَّ" مركبة من حرف التنبيه مع "لُمَّ محذوفة من "ها" ألفها عند أصحابنا (¬1)، وعند الكوفيين من "هل" مع "أم" محذوفة همزتها. والحجازيون فيها على لفظ واحد في التثنية والجمع والتذكير والتأنيث. وبنو تميم يقولون "هلما", "هلموا", "هلمي", "هلممن". وهي على وجهين: متعدية كـ"هات"، وغير متعدية بمعنى: "تعال", و"أقبل". قال تعالى: {قل هلم شهداءكم} (¬2). وقال: {هلم إلينا} (¬3) وحكى الأصمعي أن الرجل يقال له: فيقول:"لا أهلم".
* * *
قال الشارح: قد تقدّم أن "هَلُمَّ" اسمٌ من أسماء الأفعال، ومسمّاه "إيتِ"، و"تَعالَ"، وهو مبنى لوقوعه موقع الفعل المبنيّ، وأصلُه أن يكون ساكنا على أصل البناء، وإنما حُرّك آخِره لالتقاء الساكنين، وهما الميمان في آخِره، وفُتح تخفيفًا لثقل التضعيف، وهو مركَّبٌ. قال الخليل (¬4): أصلُه "هَا لُمَّ"، فـ "هَا" للتنبيه، و"لُمَّ" من قولهم: "لَمَّ الله شَعَثَه"، أي: جَمَعَه، كأنه أراد: "لُمَّ نفسَك إلينا"، أي: اُقْرُبْ. وإنما حُذفت ألفُ "هَا" تخفيفًا لكثرة الاستعمال، ولأنّ اللام بعدها، وإن كانت متحرّكةَ، في حكم الساكن. ألا
¬__________
= الإعراب: "رويدًا": مفعول مطلق لفعل محذوف منصوب بالفتحة. "بني": منادى منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. "شيبان": مضاف إليه مجرور بالفتحة عوضًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. "بعضَ": مفعول به للمصدر "رويد" منصوب بالفتحة، وهو مضاف. "وعيدكم": مضاف إليه مجرور بالكسرة، و"كم" مضاف إليه مجرور بالكسرة. "تلاقوا": فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب، وعلامة جزمه حذف النون لأنه عن الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. "غدًا": ظرف زمان منصوب متعلق بـ "تلاقوا". "خيلي": مفعول به منصوب، وهو مضاف، والياء مضاف إليه. "على سفوان": جار ومجرور متعلقان بـ "تلاقوا".
جملة "رويدًا بعض وعيدكم": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة النداء "يا بني شيبان": اعتراضية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "تلاقوا": جواب شرط لأداة شرط مقدَّرة لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "رويدًا" حيث استخدم "رويد" مصدرًا نائبًا عن فعله.
(¬1) انظر المسألة السابعة والأربعين في كتاب "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين". ص 341 - 347.
(¬2) الأنعام: 150.
(¬3) الأحزاب: 18.
(¬4) الكتاب 2/ 332.

الصفحة 29