كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

بامتناع الصرف وامتناعِ علامة التأنيث من الدخول عليه. وذلك على أربعة أضرب: اسمُ عين، ومصدرٌ، وصفةٌ، وجمعٌ.
فالأوّل: وهو العين، نحو: "الشِّيزَى"، وهو خشبٌ أسودُ يُتَّخذ منه القِصاع، و"الدِّفْلَى" وهو نبتٌ، وفيه لغتان: الصرف، وتركُه. فَمَن صرفه جعل ألفَه للإلحاق بـ "دِرْهَم"، ومن لم يصرفه جعله مؤنّثًا. وكذلك "ذِفْرَى"، وهو من القَفا ما وراءَ الأذُن، وهو أوّلُ ما يَعْرَق من البعير، يُقال: "ذِفْرَى أسِيلَةٌ". وفيه أيضًا لغتان: الصرف وتركه.
وأما الثانّي: وهو المصدر، فقالوا: "ذكرتُه ذِكْرَى" بمعنى الذِّكْر. قال الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} (¬1)، وقال: {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} (¬2)، فامتناعُ تنوينه مع أنّه نكرةٌ دليلٌ على أنّ ألفه للتأنيث.
الثالث: وهو الصفة، زعم سيبويه أنْ "فِعْلَى" لم يَرِد صفة إلَّا وفيه تاءُ التأنيث، نحوُ قولهم: "رجلٌ عِزْهاةٌ"، وهو الذي لا يُطْرَب للَّهْو تكبُّرًا، و"سِعْلاةٌ"، وهي أخبثُ الغُول. وحكى أحمد بن يحيى ثَعْلَبٌ: "عِزْهى" بغير تاء. وقالوا: "رجلٌ كِيصًى" للذي يأكل وحدَه. وسيبويه (¬3) منع أن يكون "فِعْلَى" صفة إذا كانت ألفُه للتأنيث، فأمّا ما ذكروه، فإنّ ألفُه للإلحاق بدليل دخول التاء عليه.
وأمّا الرابع: وهو ما كان جمعًا من هذا البناء، فلم يأتِ إلَّا في حرفَيْن، قالوا: "حِجْلى" في جمع "حَجَلٍ"، و"ظِرْبَى" في جمع "ظَرِبانٍ". وقد تقدّم الكلام عليهما في الجمع. وقالوا: "الدِّفْلَى" يقع للواحد والجمع، وهو بالجنس أشبهُ منه بالجمع.
* * *

[الأبنية التي تلحقها ألف التأنيث الممدودة]
قال صاحب الكتاب: والأبنية التي تلحقها ممدودة فعلاء، وهي على ضربين: اسم وصفة. فالاسم على ثلاثة أضرب: اسم عين مفرد كالصحراء والبيداء، وجمع كالقصباء والطرفاء والحلفاء والأشياء، ومصدر كالسراء والضراء والنعماء والبأساء.
* * *
قال الشارح: لمّا فرغ من الكلام على أبنية الألف المقصورة، انتقل إلى الكلام على أبنية الممدودة، وقد تقدّم بيان معنى المقصورة والممدودة. فمن أبنية الممدودة "فَعْلاءُ" بفتح الفاء منها. وهي على ضربين: اسمٌ وصفةٌ، فالاسمُ على ثلاثة أضرب: مفردٌ واقعٌ على عين، كـ "الصَّحْراء" و"البَيْداء"، فالصحراء البَرّيّة، وقيل لها ذلك لاتّساعها، وعدمِ
¬__________
(¬1) الزمر: 21.
(¬2) ق: 8.
(¬3) الكتاب 4/ 255.

الصفحة 388