كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

يُرَدّ المحذوف؟ فالجواب أنّ تاء التأنيث لا يُعْتَدّ بها؛ لأنّها تُعَدّ منفصلةً بمنزلةِ اسم ضُمّ إلى اسم، فكما أنّك تُصغِّر الصدرَ من الاسمين، فتقول: "حُضَيْرَمَوْتُ"، ولا تُغيِّر الثاني، فكذلك يقع التصغيرُ على ما قبل تاء التأنيث. وقالوا في تصغير "حِرٍ": "حُرَيْحٌ"؛ لأنّ أصله "حِرْحٌ"؛ لأنّه من باب "سَلِسَ"، و"قَلِقَ"، فخفّفوه بحذف لامه. والذي يدلّ على ذلك قولُهم في التكسير: "أحْراحٌ". وتقول في تصغير "فُلٍ" من قول أبي النَّجْم [من الرجز]:
في لَجةٍ أمْسِكْ فُلانًا عن فُلِ (¬1)
"فُلَيْنٌ" لأنّ الذاهب منه نون، إذ أصلُه "فُلان"، وإنّما خُفِّف، فلمّا صغّروه؛ أعادوا اللام التي هي النون، ولم يُعيدوا الألف لأنها زائدة. والغرضُ يحصل بردّ اللام وحدَها.
وتقول في تصغير "فَم": "فُوَيْهٌ"؛ لأنّ أصله "فَوْهٌ"، بدليل قولهم في التكسير: "أفْواهٌ". وإنّما حذفوا الهاء لَشَبَهها بحروف المدّ، كما تُحذف في "شَفَةٍ"، وأبدلوا من الواو ميمًا، فلمّا صغروه؛ أعادوه إلى أصله.
وأمّا "سَنَةٌ"، فمن قال: "سَنَواتٌ"، قال في تصغيره: "سُنَيَّة"، وأمّا من قال "سانَهْتُه"، قال في التصغير: "سُنَيْهَة". وهكذا تفعل في كلّ منتقِصٍ منه من الثلاثيّ، فتقول في تصغيرِ المسمّى بـ "أن" المخفّفة من الثقيلة: "أُنَيْنٌ"، وفي المسمى بـ "بَخ": "بُخَيْخ"؛ لأنّ أصله التشديد، يدلّ على ذلك قول العَجاج [من الرجز]:
في حَسَب بَخِّ وعِزِّ أقْعَسَا (¬2)
وتقول في المسمى بـ "رُبّ" من قوله [من الكامل]:
820 - [أَزُهَيْرُ إِنْ يَشِبِ القذالُ فإنَّهُ] ... رُبَ هَيْضَلٍ نَجْبٍ لَفَقتُ بهَيْضَلِ
¬__________
(¬1) تقدم بالرقم 89.
(¬2) تقدم بالرقم 607.
820 - التخريج: البيت لأبي كبير الهذلي في الأزهية ص 265؛ وجمهرة اللغة ص 68؛ وخزانة الأدب 9/ 535، 536, 537؛ وشرح أشعار الهذليين 3/ 1070؛ ولسان العرب 11/ 698 (هضل)؛ والمقاصد النحوية 3/ 54؛ وللهذليّ في المحتسب 2/ 343؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص 52، 192؛ ولسان العرب 8/ 338 (مصع)؛ ومجالس ثعلب ص 325؛ والمقرب 1/ 200؛ والممتع في التصريف 2/ 627.
اللغة: القذال: شعر ما بين نقرة القفا وأعلى الأذن. الهيضل: الجماعة من الناس. نجب: سخي كريم، وتروى: لجب: كثير الجلبة مرتفع الصوت. لفقت: جمعت.
المعنى: يا زهيرة حتى لو شاب شعري، فإنني ما زلت قادرًا على جمع جيش مَتبوعًا بجيش في المعارك والحروب.
الإعراب: "أزهير": "أ": حرف نداء للقريب، "زهير": منادى علم مرخّم مبني على الضم المقدّر=

الصفحة 403