وهو جمع "مِيثاقٍ" وأصلُه من "وَثِقت". ومن ذلك قولهم في تصغير "قِيلٍ": "قُوَيلٌ"؛ لأنّه من الواو، كأنهم بنوا من القول اسمًا على "فِعلٍ" مثل "عِدلٍ". ومنه قوله عليه السّلام: "نهى عن قِيلٍ وقَالٍ" (¬1)، ولذلك لو سمّيت رجلًا بـ "قِيلَ" فِعْلِ ما لم يسمّ فاعلُه، لكان هذا حكمَه في التصغير، فتقول: "قُوَيلٌ". وكذلك لو صغرت "رِيحًا"، لقلت: "روَيحَةٌ"؛ لأنّ أصلها: "رِوْحٌ". وإنما قلبوا الواو ياءً؛ لسكونها وانكسارِ ما قبلها, فإذا صغّرتها، تحرّكت وزالت الكسرة من قبلها، فبطلت العلّةُ. وكذلك تقول في الجمع: "أرواحٌ". قال الشاعر [من الطويل]:
824 - [مِنَّا الذي اختِيرَ الرّجالَ سَمَاحة ... وَجودًا] إذا هَبَّتَ ارواحُ الشتاء الزَّعازعُ
ويُحكَى عن عُمارة أنَّه قال: "رِيحٌ"، و"أرياح". ويحكى أن أبا حاتم السجِسْتاني أنكر عليه ذلك، فقال أمَا ترى في المُصْحَف {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} (¬2) كأنه قاسَهُ، فغَلِطَ. وكذلك لو صغرت نحوَ: "مُوقِنٍ"، و"مُوسِر"، لقلت:"مُيَيقنٌ"، و"مُيَيسِرٌ"، فتعيده إلى الياء, لأن أصله الياء؛ لأنه من "اليَقِينِ" و"اليُسر". وإنما قُلبت واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها، وبالتصغير زال السكون، فعادت إلى الأصل.
¬__________
(¬1) ورد الحديث في النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 122.
824 - التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 418؛ والأشباه والنظائر 2/ 331؛ وخزانة الأدب 9/ 113، 115، 123، 124؛ والدرر 2/ 291؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 424؛ وشرح شواهد المغني 1/ 12؛ والكتاب 1/ 39؛ ولسان العرب 4/ 265 (خير)؛ وبلا نسبة في المقتضب 4/ 330؛ وهمع الهوامع 1/ 162.
اللغة: الزعازع: الشديدة، واحدتها زعزعة.
المعنى: إذا اختار الرجال أفضلهم سماحة وجودًا عند الأزمات والنوائب، فإنهم سيختارون رجلًا منّا بالتأكيد, لأننا قوم كرام نُعدّ للنائبات.
الإعراب: "منّا": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم مرفوع. "الذي": اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ مؤخر. "اختير": فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. "الرجال": اسم منصوب بنزع الخافض، والتقدير: من الرجال. "سماحة": مفعول لأجله منصوب بالفتحة، ويجوز أن يكون تمييزًا أو حالًا. "وجودًا": الواو: حرف عطف، و"جودًا": اسم معطوف على منصوب، منصوب مثله. "إذا": ظرفية حينية غير متضمنة معنى الشرط متعلقة بالفعل "اختير". "هبت": فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء حرف تأنيث. "ارْواحُ": فاعل مرفوع بالضمة. "الشتاءِ": مضاف إليه مجرور. "الزعازع": صفة لـ "ارواحُ" مرفوعة.
وجملة "منا الذي": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "اختير الرجال": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "هبت ارواح": في محل جر بالإضافة.
والشاهد فيه قوله: "أرواح" في جمع "ريح"، وهذا دليل على أن أصل "ريح" هو "روح".
(¬2) البقرة: 164.