كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

وقالوا: "دَراكِ" بمعنى "أَدْرِكْ". والإدراكُ: اللحوق، يقال: "مشيتُ حتى أدركتُ". والمدارَكةُ: المتابَعة.
ويقال: "بَدادِ بَدادِ في الحرب"، أي: لِيَأْخُذْ كلُّ رجل قِرْنَهُ. والبَدادُ: البِراز. يقال: "لو كان البَدادُ، لما أَطاقُوه"، أي: لو بارزناهم رجلًا رجلًا. ويقال: "تَبادَّ القومُ"، إذا أخذ كلُّ واحد قِرْنَه. فأمّا قولهم: "جاءت الخيلُ بَدادِ"، أي: متبدَّدةً، فليس من هذا الباب، وسيُذكَر في موضعه.
وقالوا: "نعاءِ الرجلَ" بمعنى "انْعَهُ". قال الكُمَيْت [من الطويل]:
561 - نَعاءِ جُذامًا غيرَ مَوْتٍ ولا قَتْلِ ... ولكِنْ فِراقًا للدَّعائمِ والأصْلِ
وكانت العرب، إذا مات منها ميّتٌ له خَطْرٌ وقَدْرٌ، ركِب راكبٌ، وجعل يسير في الناس. ويقال: "نَعاءِ فلانًا"، أي: انْعَهُ، أي: أَظْهِرْ خبرَ وَفاته.
وقالوا: "دَبابِ" للضَّبُع، والمراد: دِبِّي، قيل لها ذلك لقلّةِ عَدْوها، كأنّها تَدِبُّ. يقال: "ناقة دَبُوبٌ"، أي: لا تكاد تمشي لكثرة لَحْمها.
وقالوا: "خَراجِ خراجِ"، أي: أَخْرِجوا إلى الخَريج، والخريجُ: لُعْبةٌ للصبيان. قال الهُذَليّ [من الطويل]:
562 - أَرِقتُ له ذاتَ العِشاءِ كأنّه ... مَخاريقُ يُدْعَى تَحْتَهُنّ خَرِيجُ
¬__________
= جملة "ينجي": بحسب الواو.
والشاهد نيه قوله: "براكاءُ القتالِ" حيث أراد التوكيد على أن (براك) اسم فعل أمر بمعنى (أبرك وأثبت)، فجاء بالبراكاء هنا بمعنى الثبات في القتال.
561 - التخريج: البيت للكميت بن زيد في شرح أبيات سيبويه 1/ 297؛ والكتاب 1/ 276؛ ولسان الحرب 12/ 89 (جذم)، 15/ 334 (نعا)؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في ما ينصرف وما لا ينصرف ص 73.
المعنى: انع هؤلاء القوم واذكر الفجيعة فيهم، ولكن لا تذكر ذلك لأنهم ماتوا أو قتلوا, ولكن لأنهم فارقوا سادتهم وأهل الخطر منهم فتبدد أمرهم وانصدع شملهم.
الإعراب: "نعاء": اسم فعل أمر مبني، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. "جذاما": مفعول به منصوب بالفتحة. "غير": اسم منصوب على الاستثناء بالفتحة. "موت": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "ولا قتل": الواو: عاطفة، "لا": زائدة لتوكيد النفي، "قتل": اسم معطوف مجرور بالكسرة. "ولكن": الواو: عاطفة، "لكن": حرف استدراك. "فراقا": مفعول لأجله منصوب بالفتحة. "للدعائم": جار ومجرور متعلقان بالمصدر فراقًا. "والأصل": الواو عاطفة، "الأصل": اسم معطوف مجرور بالكسرة.
جملة "نعاء جذاما": ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "نعاء جذاما" حيث استعمل فيه اسم فعل أمر مأخوذا من مصدر الفعل الثلاثي المتصرف، وبناه على الكسر.
562 - التخريج: البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص 130؛ ولسان العرب 2/ 253=

الصفحة 48