كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 3)

فجاء بها متصلة بالكاف من غير "أن"، فهي حرفُ خطاب، وليست اسما مخفوضا كالتي في "غلامك"، و"صاحبك"؛ لأن "وَيْ" إذا كانت اسما للفعل، فهي في مذهب الفعل، فلا تضاف لذلك، و"أن" وما بعدها في موضع نصب باسم الفعل الذي هو "وَيْ"، ولذلك فُتحت "أن"، والتقديرُ: أعجبُ لأنّه لا يفلح الكافرون. فلما سقط الجار، وصل الفعلُ، فنَصَبَ. وذهب الكسائي إلى أن الأصل: "وَيْلَكَ"، فحُذفت اللام تخفيفا. وهو بعيد، وليس عليه دليل. وقد ذهب بعضهم إلى أن "وَيْكَأَنهُ" بكماله اسم واحد، والمراد شدّةُ الاتصال، وأنه لا ينفصل بعضُه من بعض، فاعرفه.
ومن ذلك "حَسِّ"، و"بَسِّ"، فـ "حَس" اسم سُمي به الفعل في حال الخبر، ومعناه: "أتألمُ" و"أتوجع"، وهو مبني؛ لأنه صوت وقع موقع الفعل، وكُسر لالتقاء الساكنين، و"بَس" بمعنَى "حَسْبُ"، فهو اسم "اكْتَفِ"، و"اقْطَعْ". يقال: ضربهُ فما قال حَس ولا بَسّ"، أي: لم يتوجّع، ولا استكف. وفي الحديث: "فأصاب قَدَمُه قدمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: حَسّ" (¬1)، كأنه تألم.
ومن ذلك "مِضّ" بكسر الميم والضاد، وهو حكايةُ صوت الشَفَتَيْن عند التمطق، يقال ذلك عند رَد ذي الحاجة، وهو اسم بمعنى "اعْذِرْ"، والمراد به الردّ على إطماع،
¬__________
= المعنى: لقد أذهب غيظ نفسي قول الفرسان لي: يا عنترة أقدم ولا تتأخر, لأن الفرسان أصحابه لا غنى لهم عنه فهم يلتجئون له في المعركة.
الإعراب: "ولقد": الواو: حرف قسم وجر والمقسم به محذوف تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره: أقسم، اللام: واقعة في جواب القسم المقدر، "قد": حرف تحقيق. "شفى": فعل ماض مبني على الفتح المقدر، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره: هو. "نفسي": مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم. والياء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "وأبرأ": الواو: حرف عطف، "أبرأ": فعل ماض مبني على الفتح. "سقمها": مفعول به منصوب و"ها": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "قول": فاعل مرفوع، يتنازعه فعلان "شفى وأبرأ" فيعمل في الأقرب ويضمر في الثاني. "الفوارس": مضاف إليه مجرور. "ويك": اسم فعل مضارع بمعنى "تعجب"، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره: نحن، والكاف: حرف خطاب لا محل له. "عنتر": منادى بحرف نداء محذوف مرخم، مبني على الضم الظاهر على الحرف المحذوف للترخيم "على لغة من ينتظر". "أقدم": فعل أمر مبني على السكون، وحرّك بالكسر لضرورة الشعر، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره: أنت.
جملة "أقسم" المحذوفة: ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "شفى نفسي": جواب قسم لا محل لها من الإعراب. وجملة "أبرأ سقمها": معطوفة على جملة لا محل لها من الإعراب. وجملة "أقدم": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ويك": في محل نصب مقول القول. وجملة "عنتر": اعتراضية أو استئنافية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "ويك" حيث وقعت "وي" اسم فعل مضارع بمعنى "نعجب"، ورفعت ضميرا مستترا ولحقتها كاف الخطاب.
(¬1) ورد الحديث في النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 385.

الصفحة 92