كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (اسم الجزء: 3)
ثم سار من القاهرة في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين إلى عسقلان وهي بيد الفرنج، وقتل وأسر وسبى وغنم، ومضى يريدهم بالرملة فقاتل البرنس أرياط متملك الكرك قتالا شديدا، ثم عاد إلى القاهرة، ثم سار منها في شعبان يريد الفرنج وقد نزلوا على حماه حتى قدم دمشق وقد رحلوا عنها، فواصل الغارات على بلاد الفرنج وعساكره تغزو بلاد المغرب، ثم فتح بيت الأحزان من عمل صفد وأخذه من الفرنج عنوة، وسار في سنة ست وسبعين لحرب فتح الدين فليح «1» أرسلان صاحب قونيه من بلاد الروم، وعاد ثم توجه إلى بلاد الأرمن، وعاد فخرّب حصن بهنسا «2» ومضى إلى القاهرة فقدمها في ثالث عشر شعبان.
ثم خرج إلى الإسكندرية وسمع بها موطأ الإمام مالك على الفقيه أبي طاهر بن عوف، وأنشأ بها مارستانا ودارا للمغاربة ومدرسة، وجدّد حفر الخليج ونقل فوهته، ثم مضى إلى دمياط وعاد إلى القاهرة، ثم سار في خامس المحرّم سنة ثمان وسبعين على إيلة، فأغار على بلاد الفرنج ومضى إلى الكرك، فعاثت عساكره ببلاد طبرية وعكا، وأخذ الشقيف من الفرنج، ونزل السلطان بدمشق وركب إلى طبرية فواقع الفرنج، وعاد فتوجه إلى حلب ونازلها ثم مضى إلى البيرة على الفرات، وعدّى إلى الرها فأخذها، وملك حرّان والرقّة ونصيبين، وحاصر الموصل فلم ينل منها غرضا، فنازل سنجار حتى أخذها، ثم مضى على حرّان إلى آمد فأخذها وسار على عين تاب إلى حلب، فملكها في ثامن عشر صفر سنة تسع وسبعين، وعاد إلى دمشق وعبر الأران «3» وحرّق بيسان على الفرنج وخرّب لهم عدّة حصون وعاد إلى دمشق، ثم سار إلى الكرك فلم ينل منها غرضا، وعاد ثم خرج في سنة ثمانين من دمشق فنازل الكرك، ثم رحل عنها إلى نابلس فحرّقها وأكثر من الغارات حتى دخل دمشق، ثم سار منها إلى حماه ومضى حتى بلغ حرّان، ونزل على الموصل وحصرها، ثم سار عنها إلى خلاط فلم يملكها، فمضى حتى أخذ ميافارقين وعاد إلى الموصل، ثم رحل عنها وقد مرض إلى حرّان، فتقرّر الصلح مع المواصلة على أن خطبوا له بها وبديار بكر وجميع البلاد الأرتقية، وضرب السكة فيها باسمه، ثم سار إلى دمشق فقدمها في ثاني ربيع الأوّل سنة اثنتين وثمانين، وخرج منها في أوّل سنة ثلاث وثمانين، ونازل الكرك والشوبك وطبرية، فملك طبرية في ثالث عشري ربيع الآخر من الفرنج، ثم واقعهم على حطين «4» وهم في خمسين ألفا، فهزمهم بعد وقائع عديدة وأسر منهم عدّة ملوك، ونازل عكا حتى تسلمها في ثاني جمادى الأولى، وأنقذ منها أربعة آلاف أسير مسلم من الأسر، وأخذ مجدل يافا وعدّة حصون، منها الناصرية وقيسارية وحيفا وصفورية والشقيف والغولة والطور وسبسطية
الصفحة 407
439