كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (اسم الجزء: 3)

ثمانين وستمائة، وهزمهم بعد مقتلة عظيمة وعاد إلى قلعة الجبل، وتوجه في سنة أربع وثمانين حتى نازل حصن المرقب ثمانية وثلاثين يوما وأخذه عنوة من الفرنج، وعاد إلى القلعة، ثم بعث العسكر فغزا بلاد النوبة في سنة سبع وثمانين وعاد بغنائم كثيرة، ثم سار في سنة ثمان وثمانين لغزو الفرنج بطرابلس، فنازلها أربعة وثلاثين يوما حتى فتحها عنوة في رابع ربيع الآخر وهدمها جميعها، وأنشأ قريبا منها مدينة طرابلس الموجودة الآن، وعاد إلى قلعة الجبل وبعث لغزو النوبة ثانيا عسكرا فقتلوا وأسروا وعادوا، ثم خرج لغزو الفرنج بعكا، وهو مريض، فمات خارج القاهرة ليلة السبت سادس ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة، فكانت مدّته إحدى عشرة سنة وشهرين وأربعة وعشرين يوما. وقام من بعده ابنه.
السلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل: في يوم الأحد سابع ذي القعدة المذكور، وسار لفتح عكا في ثالث ربيع الأوّل سنة تسعين وستمائة، ونصب عليها اثنين وتسعين منجنيقا وقاتل من بها من الفرنج أربعة وأربعين يوما حتى فتحها عنوة، في يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى، وهدمها كلها بما فيها، وحرّقها وأخذ صور وحيفا وعتليت وانطرسوس وصيدا، وهدمها وأجلى الفرنج من الساحل فلم يبق منهم أحد ولله الحمد، وتوجه إلى دمشق وعاد إلى مصر فدخل قلعة الجبل يوم الاثنين تاسع شعبان، ثم خرج في ثامن ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وستمائة بعد ما نادى بالنفير للجهاد، فدخل دمشق وعرض العساكر ومضى منها فمرّ على حلب ونازل قلعة الروم، ونصب عليها عشرين منجنيقا حتى فتحها بعد ثلاثة وثلاثين يوما عنوة، وقتل من بها من النصارى الأرمن وسبى نساءهم وأولادهم، وسماها قلعة المسلمين، فعرفت بذلك، وعاد إلى مصر فدخل قلعة الجبل في يوم الأربعاء ثاني ذي القعدة، وسار في رابع المحرّم سنة اثنتين وتسعين حتى بلغ مدينة قوص من صعيد مصر، ونادى فيها بالتجهز لغزو اليمن، وعاد ثم سار مخفا على الهجن في البريّة إلى الكرك، ومضى إلى دمشق فقدمها في تاسع جمادى الآخرة، وقصد غزو بهنسا وأخذها من الأرمن، فقدموا إليه وسلموها من تلقاء أنفسهم وسلموا أيضا مرعش وتل حمدون، ومضى من دمشق في ثاني رجب، وعبر من حمص إلى سلمية «1» وهجم على الأمير مهنا بن عيسى وقبضه وإخوته وحملهم في الحديد إلى قلعة الجبل، وعاد إلى دمشق ثم رجع إلى مصر فقدم قلعة الجبل في ثامن عشري رجب، ثم توجه للصيد فبلغ الطرّانة، وانفرد في نفر يسير ليصطاد، فاقتحم عليه الأمير بيدار في عدّة معه وقتلوه في يوم السبت ثاني عشر المحرّم سنة ثلاث وتسعين وستمائة، فكانت مدّته ثلاث سنين وشهرين وأربعة أيام، ثم حمل ودفن بمدرسة الأشرفية «2» وأقيم من بعده أخوه.

الصفحة 416