كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 3)
وَيَنْزِعُ الْوَلِيُّ لُقَطَةَ الصَّبِيِّ وَيُعَرِّفُ وَيَتَمَلَّكُهَا لِلصَّبِيِّ إنْ رَأَى ذَلِكَ حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لَهُ، وَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ إنْ قَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهِ حَتَّى تَلِفَ فِي يَدِ الصَّبِيِّ.
وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُ الْتِقَاطِ الْعَبْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِغُرْمِهَا إذَا جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِذَا لَمْ يَتَمَلَّكْهَا تُرِكَتْ بِيَدِ الْأَمِينِ.
تَنْبِيهٌ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْفَاسِقِ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُ مِنْ يَدِ الذِّمِّيِّ بَلْ يُقَرُّ فِي يَدِهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إلْحَاقُهُ بِالْفَاسِقِ، وَيَلْحَقُ بِهِ أَيْضًا الْمُرْتَدُّ وَالْمُسْتَأْمَنُ وَالْمُعَاهَدُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ أَمِينًا لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا لَمْ تُنْزَعْ مِنْهُ، وَعَضَّدَهُ الْحَاكِمُ بِأَمِينٍ يَقْوَى بِهِ عَلَى الْحِفْظِ وَالتَّعْرِيفِ (وَيَنْزِعُ الْوَلِيُّ) وُجُوبًا (لُقَطَةَ الصَّبِيِّ) وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ لِحَقِّهِمْ وَحَقِّ الْمَالِكِ، وَتَكُونُ يَدُهُ نَائِبَةً عَنْهُمْ كَمَا نَابَ عَنْهُمْ فِي مَالِهِمْ (وَيُعَرِّفُ) هَا الْوَلِيُّ لَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَبِيعَ جُزْءًا مِنْ اللُّقَطَةِ لِمُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ عَلَى الْمُتَمَلِّكِ.
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَعْرِيفَ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ، وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ، وَأَمَّا السَّفِيهُ، فَيَصِحُّ تَعْرِيفُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ (وَيَتَمَلَّكُهَا لِلصَّبِيِّ) وَنَحْوِهِ (إنْ رَأَى ذَلِكَ) مَصْلَحَةً (حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لَهُ) ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ فِي مَعْنَى الِاقْتِرَاضِ فَإِنْ لَمْ يَرَهُ مَصْلَحَةً لَهُ حَفِظَهُ أَمَانَةً أَوْ دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي (وَ) عَلَى صِحَّةِ الْتِقَاطِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ (يَضْمَنُ الْوَلِيُّ إنْ قَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهِ) أَيْ الْمُلْتَقَطِ (حَتَّى تَلِفَ فِي يَدِ الصَّبِيِّ) وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ قَصَّرَ فِي حِفْظِ مَا احْتَطَبَهُ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيَهُ الْحَاكِمُ فَالْأَشْبَهُ عَدَمُ ضَمَانِهِ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي انْتِزَاعِهَا ضَمِنَ الصَّبِيُّ، وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ بِالْإِتْلَافِ لَا بِالتَّلَفِ بِلَا تَقْصِيرٍ، وَيَعْرِفُ التَّالِفُ الْمَضْمُونَ وَيُتَمَلَّكُ لِلصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ الْقِيمَةُ بَعْدَ قَبْضِ الْحَاكِمِ لَهَا.
أَمَّا مَا فِي الذِّمَّةِ، فَلَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ لَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا الْوَلِيُّ حَتَّى بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ رَشَدَ السَّفِيهُ كَانَ كَمَا لَوْ وَجَدَهَا بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ، فَأَقَرَّهَا فِي يَدِهِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلصَّيْمَرِيِّ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ.
(وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُ الْتِقَاطِ الْعَبْدِ) إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ السَّيِّدُ، وَلَمْ يَنْهَهُ؛ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ أَمَانَةٌ وَوِلَايَةٌ ابْتِدَاءً وَتَمْلِيكٌ انْتِهَاءً، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِمَا، وَالثَّانِي: صِحَّتُهُ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ كَاحْتِطَابِهِ وَاصْطِيَادِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ كَقَوْلِهِ مَتَى وَجَدْتَ لُقَطَةً، فَأْتِنِي بِهَا صَحَّ جَزْمًا، وَإِنْ نَهَاهُ امْتَنَعَ جَزْمًا عِنْدَ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَقَوَّاهُ الْمُصَنِّفُ وَطَرَدَ غَيْرُهُ فِيهِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْإِذْنُ فِي الِاكْتِسَابِ إذْنٌ فِي
الصفحة 580
631