كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 3)

وَإِنْ تَلِفَتْ غَرِمَ مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّمَلُّكِ، وَإِنْ نَقَصَتْ بِعَيْبٍ فَلَهُ أَخْذُهَا مَعَ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ.

وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ وَلَمْ يَصِفْهَا وَلَا بَيِّنَةَ لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّ الْحَمْلَ الْحَادِثَ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَالْمُنْفَصِلِ، فَيَكُونُ الْحَادِثُ هُنَا بَعْدَ التَّمَلُّكِ لِلْمُلْتَقِطِ.

تَنْبِيهٌ: الِاخْتِصَاصَاتُ كَالْخَمْرِ الْمُحْتَرَمَةِ وَالْكَلْبِ النَّافِعِ فَلَا يَضْمَنُ أَعْيَانَهَا وَلَا مَنَافِعَهَا (وَإِنْ) جَاءَ الْمَالِكُ، وَقَدْ (تَلِفَتْ) تِلْكَ اللُّقَطَةُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا بَعْدَ التَّمَلُّكِ (غَرِمَ مِثْلَهَا) إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً (أَوْ قِيمَتَهَا) إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعِوَضُ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَالْقِيمَةُ تُعْتَبَرُ (يَوْمَ التَّمَلُّكِ) لَهَا؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ دُخُولِ الْعَيْنِ فِي ضَمَانِهِ، وَقِيلَ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ بِهَا.
تَنْبِيهٌ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يَمْلِكُ اللُّقَطَةَ كَمِلْكِ الْقَرْضِ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ صُورِيٌّ رَدَّ الْمِثْلَ فِي الْأَصَحِّ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ اهـ.
وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمَالِكَ فِي الْقَرْضِ دَفَعَ مَالَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَنَفْسُهُ مُطْمَئِنَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَرُدُّ لَهُ مِثْلَ مَا أَخَذَ. وَأَمَّا اللُّقَطَةُ: فَالْقِيمَةُ فِيهَا قَدْ تَكُونُ فِي يَوْمِ التَّمَلُّكِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْدُودِ، فَيَفُوتُ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ، فَيَتَضَرَّرُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَظْهَرُ، وَلَوْ قَالَ الْمُلْتَقِطُ لِلْمَالِكِ بَعْدَ التَّلَفِ: كُنْتُ أَمْسَكْتُهَا لَكَ، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ لَمْ يَضْمَنْهَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَمْ أَقْصِدْ شَيْئًا، فَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَالِكُ فِي ذَلِكَ صُدِّقَ الْمُلْتَقِطُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ. أَمَّا التَّلَفُ قَبْلَ التَّمَلُّكِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، فَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ كَالْمُودَعِ، وَلَوْ عَيَّنَ الْمُلْتَقِطُ الْبَدَلَ عِنْدَ إبَاحَةِ إتْلَافِ اللُّقَطَةِ كَأَكْلِ الشَّاةِ الْمُلْتَقَطَةِ فِي الْمَفَازَةِ فَتَلِفَتْ سَقَطَ حَقُّ الْمَالِكِ بِتَلَفِ الْقِيمَةِ: أَيْ وَالْمِثْلُ لِلصُّورَةِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الطَّعَامِ عَنْ نَصِّ الْأَصْحَابِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَمْلُوكِ.
أَمَّا الِاخْتِصَاصَاتُ كَالْخَمْرِ الْمُحْتَرَمَةِ وَالْكَلْبِ النَّافِعِ، فَلَا يَضْمَنُ أَعْيَانَهَا وَلَا مَنَافِعَهَا (وَإِنْ) جَاءَ، وَقَدْ (نَقَصَتْ بِعَيْبٍ) أَوْ نَحْوِهِ حَدَثَ بَعْدَ تَمَلُّكِهَا (فَلَهُ) أَيْ مَالِكُهَا (أَخْذُهَا مَعَ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ فَكَذَا الْبَعْضُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُقَرَّرَ أَنَّ مَا ضُمِنَ كُلُّهُ بِالتَّلَفِ ضُمِنَ بَعْضُهُ عِنْدَ النَّقْصِ، وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ هَذَا إلَّا مَسْأَلَةُ الشَّاةِ الْمُعَجَّلَةِ، فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالتَّلَفِ، وَإِنْ نَقَصَتْ لَمْ يَجِبْ أَرْشُهَا. وَالثَّانِي: لَا أَرْشَ لَهُ، وَلَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ: الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهَا سَلِيمَةً، وَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَدَلَهَا، وَقَالَ الْمُلْتَقِطُ: أَضُمُّ إلَيْهَا الْأَرْشَ وَأَرُدُّهَا أُجِيبَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى الْأَصَحِّ.

(وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ) مَثَلًا (وَلَمْ يَصِفْهَا) بِصِفَاتِهَا السَّابِقَةِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِهَا مِمَّا يَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ: كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهَا لَهُ (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ) لِحَدِيثِ «لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» الْحَدِيثَ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَلَا يَكْفِي إخْبَارُهَا لِلْمُلْتَقِطِ أَوْ عَلِمَ أَنَّهَا لَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهَا إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ إلَّا إنْ أَلْزَمَهُ

الصفحة 594