كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 3)

وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ عُمِلَ بِهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَتَعَرَّضَ الْبَيِّنَةُ لِسَبَبِ الْمِلْكِ، وَفِي قَوْلٍ يَكْفِي مُطْلَقُ الْمِلْكِ.

وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ حُرٌّ مُسْلِمٌ لَحِقَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ لَوْ رَأَيْنَا صَغِيرَةً فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي نِكَاحَهَا وَبَلَغَتْ وَأَنْكَرَتْ قُبِلَ قَوْلُهَا وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ، وَهَلْ يُحْكَمُ فِي صِغَرِهَا بِالنِّكَاحِ. قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ نَعَمْ كَالرِّقِّ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ، وَفَرَّقَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْيَدَ فِي الْجُمْلَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْمِلْكِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ الْمَمْلُوكُ مَمْلُوكًا وَالنِّكَاحُ طَارِئٌ بِكُلِّ حَالٍ فَيَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ.

(وَمَنْ أَقَامَ) مِنْ مُلْتَقِطٍ وَغَيْرِهِ (بَيِّنَةً بِرِقِّهِ عُمِلَ بِهَا) لِظُهُورِ فَائِدَتِهَا. سَوَاءٌ أَقَامَهَا مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ أَمْ غَيْرُهُ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَتَعَرَّضَ الْبَيِّنَةُ لِسَبَبِ الْمِلْكِ) كَإِرْثٍ وَشِرَاءٍ؛ لِئَلَّا تُعْتَمَدَ ظَاهِرُ الْيَدِ وَتَكُونَ عَنْ الْتِقَاطٍ (وَفِي قَوْلٍ يَكْفِي مُطْلَقُ الْمِلْكِ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَمْرَ الرِّقِّ خَطِيرٌ فَاحْتِيطَ فِيهِ.
تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَيَكْفِي فِي الْبَيِّنَةِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، إذْ الْغَرَضُ إثْبَاتُ الْمِلْكِ، وَمِنْ التَّعَرُّضِ إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْعِلْمُ بِأَنَّ شَهَادَتَهَا لَمْ تَسْتَنِدْ إلَى ظَاهِرِ الْيَدِ، وَقَدْ حَصَلَ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ مِلْكُهُ، وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ حَتَّى تَشْهَدَ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَدْ وَلَدَتْ أَوْلَادًا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُمْ وَلَيْسُوا مِلْكًا لَهُ، فَإِذَا قَالَ هَذَا انْتَفَى هَذَا الِاحْتِمَالُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ عَلَى وَفْقِ مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا فِي الدَّعَاوَى بِأَنَّ مَا هُنَا فِي اللَّقِيطِ أَيْ أَوْ نَحْوِهِ، وَالْمَقْصُودُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الرِّقِّ مِنْ الْحُرِّيَّةِ، وَالْقَصْدُ فِي الدَّعَاوَى تَعْيِينُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِكَوْنِ أَمَتِهِ وَلَدَتْهُ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ الْيَدَ نَصٌّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمِلْكِ فَاشْتُرِطَ فِي زَوَالِهَا ذِكْرُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ وَالرِّقُّ مُحْتَمَلٌ؛ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى قَاتِلِهِ لِاحْتِمَالِ الرِّقِّ، وَإِذَا اُكْتُفِيَ بِالشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فَتَكْفِي شَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَنَّهُ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالْوِلَادَةِ، وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ ضِمْنًا شَهِدَتْ بِهِ أَيْضًا أَمْ لَا لِثُبُوتِ النَّسَبِ فِي ضِمْنِ الشَّهَادَةِ بِالْوِلَادَةِ.

(وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ) الْمَحْكُومَ بِإِسْلَامِهِ (حُرٌّ) ذَكَرٌ (مُسْلِمٌ لَحِقَهُ) بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ، وَسَوَاءٌ فِيهِ الْمُلْتَقِطُ وَغَيْرُهُ الرَّشِيدُ وَالسَّفِيهُ، وَيُسَنُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لِلْمُلْتَقِطِ مِنْ

الصفحة 613