كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 3)

الْعَمَلِ بِعِوَضٍ مُلْتَزَمٍ، فَلَوْ عَمِلَ بِلَا إذْنٍ أَوْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فَعَمِلَ غَيْرُهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ.

وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ: مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (الْعَمَلِ) بِطَلَبٍ كَقَوْلِهِ رُدَّ عَبْدِي أَوْ عَبْدَ فُلَانٍ وَلَكَ كَذَا أَوْ بِشَرْطٍ كَقَوْلِهِ إنْ رَدَدْتَ عَبْدِي فَلَكَ كَذَا؛ وَالصِّيغَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَتْنِ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الرَّدِّ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ لَا الْوَضْعِ (بِعِوَضٍ) مَعْلُومٍ مَقْصُودٍ (مُلْتَزَمٍ) بِمَا مَرَّ مِنْ الصِّيَغِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَافْتَقَرَتْ إلَى صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَقَدْرِ الْمَبْذُولِ، وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ تَقُومُ مَقَامَ الصِّيغَةِ (فَلَوْ) رَدَّهُ مَنْ عَلِمَ بِإِذْنِهِ قَبْلَ رَدِّهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ الْمُلْتَزَمَ سَوَاءٌ أَعَلِمَهُ بِوَاسِطَةٍ أَمْ بِدُونِهَا. نَعَمْ إنْ قَالَ: إنْ رَدَّ عَبْدِي مَنْ سَمِعَ نِدَائِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ عَلِمَ نِدَاءَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَإِنْ عَمِلَ طَامِعًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِنْ (عَمِلَ بِلَا إذْنٍ) كَأَنْ عَمِلَ قَبْلَ النِّدَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ مُتَبَرِّعًا وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الضَّوَالِّ وَدَخَلَ الْعَبْدُ مَثَلًا فِي ضَمَانِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (أَوْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فَعَمِلَ غَيْرُهُ) (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِوَاحِدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ. أَمَّا الْعَامِلُ بِغَيْرِ إذْنٍ فَلِمَا مَرَّ. وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَمْ يَعْمَلْ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْغَيْرُ رَقِيقَ الْمَأْذُونِ لَهُ وَرَدَّ بَعْدَ عِلْمِ سَيِّدِهِ بِالِالْتِزَامِ اسْتَحَقَّ الْمَأْذُونُ لَهُ الْجُعْلَ؛ لِأَنَّ يَدَ رَقِيقِهِ كَيَدِهِ وَلَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ آبِقِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ نِدَاؤُهُ، أَوْ قَالَ: إنْ رَدَّهُ زَيْدٌ فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ زَيْدٌ غَيْرَ عَالِمٍ بِإِذْنِهِ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الرَّدِّ، وَلَمْ يَشْرُطْ عِوَضًا أَوْ شَرَطَ عِوَضًا غَيْرَ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ فَلَا شَيْءَ لِلرَّادِّ.
تَنْبِيهٌ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا، عَدِمَ الِاسْتِحْقَاقَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَأَجْرَى جَمَاعَةٌ فِيهِ خِلَافَ الْغَسَّالِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ اسْتَحْسَنَ الْمُصَنِّفُ التَّفْصِيلَ السَّابِقَ فِي الْإِجَارَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الصِّيغَةِ عَدَمُ التَّأْقِيتِ كَالْقِرَاضِ، فَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ آبِقِي الْيَوْمَ فَلَهُ كَذَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَظْفَرُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْقِرَاضِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ.

(وَ) لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَاعِلِ كَوْنُهُ مَالِكًا، وَحِينَئِذٍ (لَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ) لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ الِاسْتِهْزَاءُ وَالْخَلَاعَةُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ وَلَيْسَ الْجُعْلُ عِوَضَ تَمْلِيكٍ، وَبِهَذَا خَالَفَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ إلَّا مِمَّنْ يَقَعُ الْمِلْكُ لَهُ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُرِيدُ فَلَهُ كَذَا عَلَى مَالِكِهِ فَيَكُونُ فُضُولِيًّا مَحْضًا فَلَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا.
أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ الْتِزَامًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ سَابِقٌ إلَى الْفَهْمِ، وَصَوَّرَ ابْنُ يُونُسَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا قَالَهُ فَلَهُ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ وَأَلْحَقَ الْأَئِمَّةُ بِهِ قَوْلَهُ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْتِزَامٌ. فَإِنْ قِيلَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ بِهَذَا الْقَوْلِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى الْآبِقِ بَلْ يَضْمَنُ، فَكَيْفَ

الصفحة 618