كتاب مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (اسم الجزء: 3)
وَلِلرَّادِّ أُجْرَةُ مِثْلِهِ.
وَلَوْ قَالَ مِنْ بَلَدِ كَذَا فَرَدَّهُ مِنْ أَقْرَبَ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الْجُعْلِ.
وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَسْلِيمِهِ (وَلِلرَّادِّ أُجْرَةُ مِثْلِهِ) كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هُنَا صُورَتَانِ الْأُولَى مَا إذَا قَالَ حُجَّ عَنِّي وَأُعْطِيكَ نَفَقَتَكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مَعَ جَهَالَتِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ، وَقِيلَ إنَّ هَذِهِ أَرْزَاقٌ لَا جَعَالَةٌ، وَإِنَّمَا يَكُونُ جَعَالَةً إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا، فَقَالَ: حُجَّ عَنِّي بِنَفَقَتِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنَّهَا جَعَالَةٌ فَاسِدَةٌ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.
الثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ الْعِلْجِ، وَسَتَأْتِي فِي السِّيَرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
تَنْبِيهٌ وَلَوْ وَصَفَ الْجُعْلَ بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ اسْتَحَقَّهُ الْعَامِلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَنَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ لَا يُغْنِي وَصْفُهُ عَنْ رُؤْيَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ هُنَا.
أُجِيبَ بِأَنَّ تِلْكَ الْعُقُودَ عُقُودٌ لَازِمَةٌ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ، فَاحْتِيطَ لَهَا مَا لَمْ يُحْتَطْ لِلْجَعَالَةِ، وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ رَقِيقِي مَثَلًا فَلَهُ ثِيَابُهُ أَوْ رُبُعُهُ اسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ إنْ عَلِمَهُ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَهَلْ يَكْفِي الْوَصْفُ فِي الرَّقِيقِ أَوْ لَا لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ وَصَفَهُ بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ الصِّحَّةُ.
فَائِدَةٌ: الِاعْتِبَارُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِالزَّمَانِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ كُلُّ الْعَمَلِ لَا بِالزَّمَانِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ التَّسْلِيمُ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمُسَابَقَةِ.
(وَلَوْ قَالَ) شَخْصٌ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْجَعَالَةِ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي مَثَلًا (مِنْ بَلَدِ كَذَا) فَلَهُ كَذَا (فَرَدَّهُ) الْعَامِلُ (مِنْ) مَكَانٍ (أَقْرَبَ مِنْهُ) (فَلَهُ قِسْطُهُ) أَيْ الْأَقْرَبِ (مِنْ الْجُعْلِ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ الْجُعْلِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ فَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبَعْضِ، فَإِنْ رَدَّهُ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ مَثَلًا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ، وَيَجِبُ فَرْضُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا تَسَاوَتْ الطَّرِيقُ سُهُولَةً وَحُزُونَةً، فَإِنْ تَفَاوَتْ بِأَنْ كَانَتْ أُجْرَةُ نِصْفِ الْمَسَافَةِ ضِعْفُ أُجْرَةِ النِّصْفِ الْآخَرِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثَا الْجُعْلِ.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ قَوْلُهُ " أَقْرَبَ " تِلْكَ الْبَلْدَةَ وَغَيْرَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ نَظَرَ السُّبْكِيُّ، فَلَوْ قَالَ مَكِّيٌّ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ عَرَفَةَ فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مِنْ مِنًى أَوْ مِنْ التَّنْعِيمِ اسْتَحَقَّ بِالْقَصْدِ؛ لِأَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْمَكَانِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْإِشَارَةُ إلَى مَوْضِعِ الْآبِقِ أَوْ مَظِنَّتِهِ، لَا أَنَّ الرَّدَّ مِنْهُ شَرْطٌ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، إذْ لَوْ أُرِيدَ حَقِيقَةُ ذَلِكَ الْمَكَانِ لَكَانَ إذَا رَدَّهُ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ مِنْهُ، وَخَرَجَ بِأَقْرَبَ مَا لَوْ رَدَّهُ مِنْ أَبْعَدَ فَلَا يَسْتَحِقُّ لِلزِّيَادَةِ شَيْئًا.
(وَلَوْ) عَمَّمَ الْمَالِكُ النِّدَاءَ، كَأَنْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَ (اشْتَرَكَ) حِينَئِذٍ (اثْنَانِ) مَثَلًا
الصفحة 621
631