كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)

زِيَادَتِي (لَا) إنْ وَجَدَهَا (بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَهُوَ وَاجِدُهُ فَلَا تَحِلُّ لَهُ مَنْ ذُكِرَتْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ، (وَ) ثَانِيهَا (بِخَوْفِهِ زِنًا) بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ وَتَضْعُفَ تَقْوَاهُ، بِخِلَافِ مَنْ ضَعُفَتْ شَهْوَتُهُ أَوْ قَوِيَ تَقْوَاهُ قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] أَيْ الزِّنَا، وَأَصْلُهُ الْمَشَقَّةُ سُمِّيَ بِهِ الزِّنَا لِأَنَّهُ سَبَبُهَا بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَنَتِ عُمُومُهُ لَا خُصُوصُهُ حَتَّى لَوْ خَافَ الْعَنَتَ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِقُوَّةِ مَيْلِهِ إلَيْهَا، لَمْ يَنْكِحْهَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ كَذَا فِي بَحْرِ الرُّويَانِيِّ وَالْوَجْهُ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِوُجُودِ الطَّوْلِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ نِكَاحِهَا عِنْدَ فَقْدِ الطَّوْلِ، فَيَفُوتُ اعْتِبَارُ عُمُومِ الْعَنَتِ، مَعَ أَنَّ وُجُودَ الطَّوْلِ كَافٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِهَا وَبِهَذَا الشَّرْطِ عُلِمَ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَنْكِحُ أَمَتَيْنِ، كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا، (وَ) ثَالِثُهَا (بِإِسْلَامِهَا لِمُسْلِمٍ) حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ أَمَّا الْحُرُّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] وَأَمَّا غَيْرُ الْحُرِّ فَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نِكَاحِهَا كُفْرُهَا، فَسَاوَى الْحُرَّ كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ، وَفِي جَوَازِ نِكَاحِ أَمَةٍ مَعَ تَيَسُّرِ مُبَعَّضَةٍ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ، لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ اقْتَصَرَ الشَّيْخَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ، أَمَّا غَيْرُ الْمُسْلِمِ مِنْ حُرٍّ وَغَيْرِهِ كِتَابِيَّيْنِ، فَتَحِلُّ لَهُ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدِّينِ، وَلَا بُدَّ فِي حِلِّ نِكَاحِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ مِنْ أَنْ يَخَافَ زِنًا وَيَفْقِدَ الْحُرَّةَ، كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ مُطْلَقًا نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَإِنْ قَلَّ الزَّائِدُ بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَاءِ تَتَكَرَّرُ، وَجَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ح ل وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ: لَوْ وَجَدَ حُرَّةً وَأَمَةً لَمْ يَرْضَ سَيِّدُهَا بِنِكَاحِهَا إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ الْمَوْجُودَةِ، وَلَمْ تَرْضَ الْحُرَّةُ إلَّا بِمَا سَأَلَهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ لَمْ تَحِلَّ الْأَمَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَنْكِحَ بِصَدَاقِهَا حُرَّةً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (قَوْلُهُ لَا إنْ وَجَدَهَا بِدُونِهِ) وَكَذَا بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا تَحِلُّ لَهُ مَنْ ذُكِرَتْ لِقُدْرَتِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَا نَظَرَ لِلْمِنَّةِ لِضَعْفِهَا وَهَذَا وَجْهُ ذِكْرِهِ لِهَذِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: لَا إنْ وَجَدَهَا بِهِ أَيْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَكَانَتْ تُفْهَمُ هَذِهِ بِالْأَوْلَى، وَأَيْضًا فِيهِ رَدٌّ عَلَى الضَّعِيفِ الْمُجَوِّزِ نِكَاحَ الْأَمَةِ حِينَئِذٍ لِلْمِنَّةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَيْهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ
(قَوْلُهُ بِخَوْفِهِ زِنًا) أَيْ بِتَوَقُّعِهِ لَا عَلَى نُدُورٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمَجْبُوبِ الذَّكَرِ مُطْلَقًا إذْ لَا يَخْشَى الزِّنَا، وَتَحِلُّ لِلْمَمْسُوحِ مُطْلَقًا إذْ لَا يُخْشَى رِقُّ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ، شَوْبَرِيٌّ قَالَ م ر: إنَّهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِنَصِّ الْآيَةِ لِأَنَّهُ أَمِنَ الْعَنَتَ وَلِأَنَّهُ يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرَهُ بِالصَّبِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ قَطْعًا، وَلَا نَظَرَ إلَى طُرُوُّ الْبُلُوغِ وَتَوَقُّعِ الْحَبَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، انْتَهَى بِخِلَافِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ فَيَحِلُّ لَهُمَا نِكَاحُهَا بِالشُّرُوطِ. اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ أَوْ قَوِيَ تَقْوَاهُ) أَيْ أَوْ قَوِيَتْ شَهْوَتُهُ وَقَوِيَ تَقْوَاهُ. (قَوْلُهُ سُمِّيَ بِهِ) أَيْ بِالْعَنَتِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا أَيْ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْمُسَبَّبِ وَهُوَ الْعَنَتُ، وَإِرَادَةِ السَّبَبِ وَهُوَ الزِّنَا وَقَوْلُهُ بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا أَيْ إنْ حُدَّ وَقَوْلُهُ وَالْعُقُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ أَيْ إنْ لَمْ يُحَدَّ ح ل فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ أَيْ عُقُوبَةِ الْإِقْدَامِ فَالْوَاوُ بِحَالِهَا
(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَنَتِ) أَيْ الَّذِي فِي الْآيَةِ وَلَوْ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالزِّنَا إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى، لِيَكُونَ تَفْسِيرًا لِكَلَامِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَنَتِ فِي كَلَامِهِ الزِّنَا مَجَازًا. (قَوْلُهُ عُمُومُهُ) لَيْسَ الْمُرَادُ عُمُومَهُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ حَتَّى الرَّدِيئَةِ وَنَحْوِهَا، بَلْ أَنْ لَا يَخْتَصَّ بِوَاحِدَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَنْ تَحْتَهُ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلتَّمَتُّعِ، يَخْشَى الْعَنَتَ تَأَمَّلْ ح ل. (قَوْلُهُ مِنْ نِكَاحِهَا) أَيْ الْأَمَةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لَا يَنْكِحُ أَمَتَيْنِ) أَيْ صَالِحَتَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا ل ح ل حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا غَيْرَ صَالِحَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ) وَيَجُوزُ لَهُ التَّسَرِّي بِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي بِأَنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ فِي النِّكَاحِ حُرٌّ فِي التَّسَرِّي، لِكَوْنِهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ م ر. (قَوْلُهُ كُفْرُهَا) أَيْ مَعَ نَقْصِهَا بِالرِّقِّ فَلَا يُقَالُ: الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْكَافِرَةِ الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الْمَنْعُ، لِأَنَّ إلَخْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَعُمُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهُ أَيْ حَيْثُ تَرَافَعُوا إلَيْنَا، وَإِلَّا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ، وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ عَزْوُهُ لِلسُّبْكِيِّ وَالرَّدُّ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ صَرِيحًا، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ عَمَّ الثَّالِثُ الْحُرَّ إلَخْ، لِأَنَّهُ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَجْرِيَانِ فِي الْكَافِرِ أَيْضًا وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ الْأَحْرَارِ. اهـ. ح ل بِزِيَادَةٍ
(قَوْلُهُ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ) وَمِثْلُهُ الْمَجُوسِيُّ وَنَحْوُهُ فِي حِلِّ الْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ لَهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْقَيْدَيْنِ أَيْضًا إذَا حَكَمْنَا بِحِلِّ نِكَاحِ الْمَجُوسِيِّ لِلْمَجُوسِيَّةِ س ل م ر. (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا إفَادَةُ شُرُوطٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا مَرَّ فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَكُونَ الْأَمَةُ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ مِنْ هَؤُلَاءِ مَا لَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ وَتَنْزِيلًا لِمَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهَا مَنْزِلَةَ مَنْ يَسْتَحِقُّ عَيْنَهَا ع ش عَلَى م ر، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ أَيْ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعْفَافُ كَذَا قَيَّدَهُ حَجّ كَشَيْخِنَا. اهـ. ح ل وَنَقَلَ سم أَنَّ م ر ضَرَبَ عَلَى الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَاعْتَمَدَ عَدَمَ الْحِلِّ مُطْلَقًا وَمَحَلُّ عَدَمِ الْحِلِّ ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا إذْ لَوْ مَلَكَ الْوَلَدُ زَوْجَةَ أَبِيهِ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ وَلَا أَمَةِ

الصفحة 371