كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)

(أَوْ أَسْلَمَتْ) زَوْجَتُهُ (وَتَخَلَّفَ فَكَرِدَّةٍ) وَتَقَدَّمَ حُكْمُهَا قُبَيْلَ الْبَابِ، أَيْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ وَأَسْلَمَ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحُهُ، وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْفُرْقَةُ فِيمَا ذُكِرَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا فُرْقَةُ طَلَاقٍ، لِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَيْهَا

(أَوْ أَسْلَمَا مَعًا) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (دَامَ) نِكَاحُهُمَا لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ، وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي الْإِسْلَامِ الْمُنَاسِبِ لِلتَّقْرِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا كَمَا مَرَّ، (وَالْمَعِيَّةُ) فِي الْإِسْلَامِ (بِآخِرِ لَفْظٍ) لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ لَا بِأَوَّلِهِ وَلَا بِأَثْنَائِهِ وَسَوَاءً فِيمَا ذُكِرَ أَكَانَ الْإِسْلَامُ اسْتِقْلَالًا؟ أَمْ تَبَعِيَّةً؟ لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ أَبِي الطِّفْلِ أَوْ عَقِبَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بَطَلَ النِّكَاحُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، لِتَقَدُّمِ إسْلَامِهَا فِي الْأُولَى لِأَنَّ إسْلَامَ الطِّفْلِ عَقِبَ إسْلَامِ أَبِيهِ، وَإِسْلَامُهَا فِي الثَّانِيَةِ مُتَأَخِّرٌ فَإِنَّهُ قَوْلِيٌّ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِمَا مَعَ حِلِّ الْكِتَابِيَّةِ لَهُمَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ مِنْهُمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: قِيَامُ الْمَانِعِ بِالْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَهُوَ التَّوَثُّنُ وَالتَّمَجُّسُ حَرَّمَهُمَا عَلَيْهِمَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ تَحِلُّ لَهُ مُحَرَّمَةٌ وَمُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثًا قَبْلَ التَّحْلِيلِ، وَكِتَابِيَّةٌ غَيْرُ إسْرَائِيلِيَّةٍ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ) سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابِيَّةً، أَمْ لَا، وَهَذَا حِكْمَةُ الْإِظْهَارِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ: أَسْلَمَتْ هِيَ. (قَوْلُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ الْوَطْءِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَقَوْلُهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَيْ مِنْ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فِي الْقُبُلِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ الْإِسْلَامِ) وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ مَعَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ ح ل. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ) أَيْ مَقْهُورَانِ عَلَيْهَا فَإِنْ قُلْتَ: الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الزَّوْجَ إنْ أَسْلَمَ فَقَدْ وُجِدَتْ الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِهِ وَكَذَا إنْ أَسْلَمَتْ هِيَ، قُلْتُ: هُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الشَّرْعَ طَلَبَ مِنْهُمَا الْإِسْلَامَ وَقَهَرَهُمَا عَلَيْهِ، فَهُمَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مَقْهُورَانِ، وَيَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ فُرْقَةُ الرِّدَّةِ، فَإِنَّهَا فُرْقَةُ فَسْخٍ مَعَ أَنَّهُمَا غَيْرُ مَغْلُوبَيْنِ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ بِالرِّدَّةِ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا قَهْرًا عَنْهُمَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي إسْلَامِ أَحَدِهِمَا

(قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَا مَعًا) وَلَوْ شُكَّ فِي الْمَعِيَّةِ فَمُقْتَضَى تَنْزِيلِهِمْ الْإِسْلَامَ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ، الْحُكْمُ بِعَدَمِ دَوَامِ النِّكَاحِ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضِ دَوَامُ النِّكَاحِ. اهـ. ح ل، وَعِبَارَةُ س ل أَسْلَمَا مَعًا أَيْ يَقِينًا فَلَا يَكْفِي الشَّكُّ فِي الْمَعِيَّةِ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ. (قَوْلُهُ وَلِتَسَاوِيهِمَا إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلِتَقَارُبِهِمَا لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ تَصْدُقُ مَعَ تَخَلُّفِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَعْنَى وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي زَمَنِ النُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، وَقَوْلُهُ الْمُنَاسِبِ إلَخْ أَتَى بِهِ لِيُخْرِجَ مَا إذَا ارْتَدَّا مَعًا فَإِنَّهُمَا لَا يُقِرَّانِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْإِسْلَامُ) إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ وَحْدَهُ، وَلَا مَدْخَلَ لِمَا قَبْلَهُ فَمَمْنُوعٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا لَزِمَ حُصُولُ الْإِسْلَامِ إذَا أَتَى بِآخِرِهَا دُونَ أَوَّلِهَا وَإِنْ أَرَادَ التَّوَقُّفَ عَلَيْهِ مَعَ مَدْخُولِيَّةِ مَا قَبْلَهُ، فَظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ وَاسْمُ أَنَّ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ ضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفًا كَمَا قَالَهُ الْيُوسِيُّ عَلَى الْكُبْرَى، وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ حَذْفُ ضَمِيرِ الشَّأْنِ إلَّا إذَا خُفِّفَتْ أَنَّ، وَقَوْلُهُ يَحْصُلُ أَيْ يُوجَدُ وَيَتَحَقَّقُ فَلَا يُقَالُ: إنَّ بِالتَّمَامِ يَتَبَيَّنُ دُخُولُهُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ حِينِ النُّطْقِ بِالْهَمْزَةِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مُورِثُهُ أَيْ الْمُسْلِمُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْهَمْزَةِ وَقَبْلَ تَمَامِ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ لَا يَرِثُهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، يَتَبَيَّنُ بِالرَّاءِ دُخُولُهُ فِيهَا بِالْهَمْزَةِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ خَارِجَةٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ رُكْنٌ مِنْ الصَّلَاةِ ح ل وَشَرْحُ م ر أَيْ فَهُوَ مِنْ أَجْزَائِهَا فَكَانَ ذَلِكَ التَّبَيُّنُ ضَرُورِيًّا ثَمَّ لَا هُنَا بَلْ لَا يَصِحُّ، بَلْ الْمُحَصِّلُ لِلْإِسْلَامِ تَمَامُهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ، وَهِيَ تَتَحَقَّقُ مَعَ أَوَّلِ التَّكْبِيرِ وَفِي الْإِسْلَامِ بِالِاعْتِرَافِ بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ الِاعْتِرَافُ إلَّا بِالتَّمَامِ، إذْ قَبْلَهُ لَمْ يُوجَدْ الِاعْتِرَافُ بِجَمِيعِ مَعْنَاهَا عَنَانِيٌّ مُلَخَّصًا وَقَوْلُهُ لَا بِأَوَّلِهِ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ
(قَوْلُهُ لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ أَسْلَمَا مَعًا دَامَ وَقَوْلُهُ مَعَ أَبِي الطِّفْلِ لَوْ قَالَ: مَعَ أَبِي الزَّوْجِ الطِّفْلِ أَوْ الْمَجْنُونِ كَانَ أَظْهَرَ، وَقَوْلُهُ بَطَلَ النِّكَاحُ مِثْلُهُ فِي الْبُطْلَانِ عَكْسُهُ. (قَوْلُهُ عَقِبَ إسْلَامِ أَبِيهِ) فَهُوَ عَقِبَ إسْلَامِهَا وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مَعَ مَعْلُولِهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ، فَلَا يُحْكَمُ لِلْوَلَدِ بِإِسْلَامٍ حَتَّى يَصِيرَ الْأَبُ مُسْلِمًا شَرْحُ م ر، وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ لِأَنَّ إسْلَامَ الطِّفْلِ إلَخْ أَيْ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إلَّا بَعْدَ إسْلَامِ أَبِيهِ، وَإِسْلَامُهَا مُقَارِنٌ لِإِسْلَامِ الْأَبِ فَإِسْلَامُهُ عَقِبَ إسْلَامِهَا، لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ فَقَدْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا وَهَذَا وَجَّهَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: بِدَوَامِ النِّكَاحِ بِنَاءً عَلَى مَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ تُقَارِنُ مَعْلُولَهَا فَتَرَتُّبُ إسْلَامِهِ عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا بِالزَّمَانِ اهـ. وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ تَتَقَدَّمُ عَلَى مَعْلُولِهَا بِالزَّمَانِ، وَرَدَّ حَجّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّ الشَّارِعَ نَزَّلَ نُطْقَ الْمَتْبُوعِ بِالْإِسْلَامِ مَنْزِلَةَ نُطْقِ التَّابِعِ، فَكَأَنَّ نُطْقَهُمَا وَقَعَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، فَإِسْلَامُهُ مُقَارِنٌ لِإِسْلَامِهَا، وَكَوْنُ الْحُكْمِ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَبْتُوعِ لَا يُفِيدُ، لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأَخُّرِ

الصفحة 377