كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)

وَ) يُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ (مُؤَقَّتٍ) إنْ (اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا) كَصَحِيحٍ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ، وَيَكُونُ ذِكْرُ الْوَقْتِ لَغْوًا بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدُوهُ مُؤَقَّتًا، فَإِنَّهُ إذَا وُجِدَ الْإِسْلَامُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ لَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهِ، (كَنِكَاحٍ طَرَأَتْ عَلَيْهِ عِدَّةُ شُبْهَةٍ وَأَسْلَمَا فِيهِ) فَيُقَرُّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا لَا تَرْفَعُ النِّكَاحَ، (أَوْ) نِكَاحٍ (أَسْلَمَ فِيهِ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَحْرَمَ) بِنُسُكٍ (ثُمَّ أَسْلَمَ الْآخَرُ) فِي الْعِدَّةِ (وَالْأَوَّلُ مُحْرِمٌ) فَيُقَرُّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُؤَثِّرُ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ فَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ مِنْ التَّصْوِيرِ، بِمَا إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ (لَا) عَلَى (نِكَاحِ مَحْرَمٍ) كَبِنْتِهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لِلُزُومِ الْمُفْسِدِ لَهُ

(وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ) أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا رُخْصَةً وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] وقَوْله تَعَالَى {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص: 9] وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا لَمْ نُبْطِلْهُ قَطْعًا (فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ) ، كَمَا فِي أَنْكِحَتِنَا

(وَلِمُقَرَّرَةٍ) عَلَى نِكَاحٍ (مُسَمًّى صَحِيحٌ، وَ) الْمُسَمَّى (الْفَاسِدُ) كَخَمْرٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُقَارَنَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْمُفْسِدِ، وَالنَّفْيُ إنَّمَا هُوَ مُنْصَبٌّ عَلَى تَضُرُّ كَالْمُقَارَنَةِ، فَكَوْنُهَا تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ فِيهِ شَيْءٌ وَفِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ السَّالِبَةِ نَفْسُ الْمُقَارَنَةِ، وَلَا يَرِدُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: لَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ لِمُفْسِدٍ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُقَارَنَةِ لَهُ وَعِبَارَةُ ع ن قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ، أَيْ فَهُوَ مِثَالٌ لِلْمُفْسِدِ الزَّائِلِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُلُوَّ عَمَّا ذُكِرَ مُفْسِدٌ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: الْخُلُوُّ عَنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ مُتَحَقِّقٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، فَأَيْنَ الِانْتِفَاءُ؟ وَلَعَلَّ الْجَوَابَ أَنْ يُقَالَ: الْمُفْسِدُ خُلُوُّ الْعَقْدِ عَمَّا ذُكِرَ حِينَ صُدُورِهِ، وَهَذَا غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَالْمُتَحَقِّقُ عِنْدَهُ هُوَ كَوْنُ الْعَقْدِ السَّابِقِ خَالِيًا عَمَّا ذُكِرَ حِينَ صُدُورِهِ، وَذَلِكَ لَيْسَ هُوَ الْمُفْسِدَ
(قَوْلُهُ عَلَى نِكَاحٍ مُؤَقَّتٍ) فِيهِ أَنَّ هَذَا هُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَقَدْ قَالَ بِحِلِّهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا فِيهِ لِكَافَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ح ل أَيْ فَهُوَ غَيْرُ مُفْسِدٍ، فَيَصِحُّ سَوَاءٌ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا، أَمْ لَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمْ يُعْتَدَّ بِخِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ فَيَكُونُ مُفْسِدًا لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ خِلَافُ دَاوُد الظَّاهِرِيِّ فِيمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ إنْ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا) وَالْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ أَهْلِ مِلَّةِ الزَّوْجِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ إلَخْ) لِأَنَّ الْمُفْسِدَ لَيْسَ زَائِلًا عِنْدَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ، فَمَعْلُومٌ أَنْ لَا نِكَاحَ لِاعْتِقَادِهِمْ ذَلِكَ ح ل
(قَوْلُهُ كَنِكَاحٍ طَرَأَتْ عَلَيْهِ عِدَّةُ شُبْهَةٍ) كَأَنْ أَسْلَمَ فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَا فِي عِدَّتِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ لِأَنَّ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ لَا تَقْطَعُ نِكَاحَ الْمُسْلِمِ، فَهُنَا أَوْلَى لِكَوْنِهِ يُحْتَمَلُ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَغَلَّبْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الِاسْتِدَامَةِ هُنَا دُونَ نَظَائِرِهِ شَرْحُ م ر. وَاسْتَشْكَلَ الْقَفَّالُ عُرُوضَ الشُّبْهَةِ بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ بِأَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا أَسْلَمَ شَرَعَتْ الزَّوْجَةُ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي كِتَابِ الْعِدَدِ، فَإِسْلَامُ الْآخَرِ يَكُونُ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ لَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ. وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: إنَّا لَا نَقْطَعُ بِكَوْنِهَا عِدَّةَ نِكَاحٍ لِجَوَازِ أَنْ يُسْلِمَ الْمُتَخَلِّفُ فَيَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَاضِيَ مِنْهَا لَيْسَ عِدَّةَ نِكَاحٍ، بَلْ عِدَّةَ شُبْهَةٍ ز ي وَمِنْ الْأَجْوِبَةِ مَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَإِنَّهَا تُقَدِّمُ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ عَلَى عِدَّةِ النِّكَاحِ، وَهَذَا الْإِشْكَالُ لَا يَرِدُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا طَرَأَ الْإِسْلَامُ عَلَى الشُّبْهَةِ، وَالْإِشْكَالُ فِيمَا إذَا عَرَضَتْ الشُّبْهَةُ بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ كَمَا فِي عِبَارَةِ م ر فَإِشْكَالُ الْقَفَّالِ وَارِدٌ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ ثُمَّ أَحْرَمَ) أَوْ قَارَنَ إحْرَامُهُ إسْلَامَهَا س ل

(قَوْلُهُ وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا الْبَحْثُ عَنْ اشْتِمَالِ أَنْكِحَتِهِمْ عَلَى مُفْسِدٍ أَوْ لَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي أَنْكِحَتِهِمْ الصِّحَّةُ كَأَنْكِحَتِنَا شَرْحُ م ر أَيْ لَيْسَ لَنَا الْبَحْثُ بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَيْنَا وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُبْحَثَ عَنْ اشْتِمَالِهِ عَلَى مُفْسِدٍ، ثُمَّ يُنْظَرُ هَلْ هَذَا الْمُفْسِدُ بَاقٍ فَيُنْقَضُ الْعَقْدُ، أَوْ زَائِلٌ فَنُبْقِيهِ فَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّا نَنْقُضُ عَقْدَهُمْ الْمُشْتَمِلَ عَلَى مُفْسِدٍ غَيْرِ زَائِلٍ، مَحَلُّهُ إذَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَإِلَّا فَالْبَحْثُ مُمْتَنِعٌ عَلَيْنَا اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ) وَإِلَّا فَالصِّحَّةُ مُوَافَقَةُ الْفِعْلِ ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْعَ، فَهِيَ تَسْتَدْعِي تَحَقُّقَ الشُّرُوطِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِهَا فَإِنَّهُ رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفٌ، قَالَ الشَّيْخُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعْطَى حُكْمَ الصَّحِيحِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ أَنَّهُ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ لَا يَخْلُصُ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَكُتِبَ أَيْضًا قَوْلُهُ أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُوَافِقْ الشَّرْعَ، وَأَمَّا إذَا وَافَقَ الشَّرْعَ كَأَنْ زَوَّجَهَا الْقَاضِي فَصَحِيحٌ لِانْطِبَاقِ تَعْرِيفِ الصِّحَّةِ عَلَيْهِ ح ل. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَخْ) فِيهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ نُبْطِلْهُ، أَنَّا نَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ، لِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا نَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَا) أَيْ أَوْ أَسْلَمَ هُوَ وَلَمْ تَتَحَلَّلْ فِي الْكُفْرِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَوْهَمَ إطْبَاقُهُمْ عَلَى التَّعْبِيرِ هُنَا بِثُمَّ أَسْلَمَا خِلَافَهُ، أَمَّا لَوْ تَحَلَّلَتْ فِي الْكُفْرِ كَفَى فِي الْحَالِ اهـ شَرْحٌ م ر. (قَوْلُهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ) وَلَوْ فِي الْكُفْرِ سَوَاءٌ اعْتَقَدُوا وُقُوعَ الطَّلَاقِ أَوْ لَا، لِأَنَّا إنَّمَا نَعْتَبِرُ حُكْمَ الْإِسْلَامِ س ل

(قَوْلُهُ كَخَمْرٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْخَمْرِ الدَّمُ لَوْ رَأَوْهُ مُتَقَوِّمًا ح ل

الصفحة 379