كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)
أَوْ عَلَى دَيْنٍ أَوْ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ بِصِفَاتِ السَّلَمِ (فَ) هُوَ (بَيْعٌ) لِلْمُدَّعَاةِ مِنْ الْمُدَّعِي لِغَرِيمِهِ (أَوْ إجَارَةٌ) لَهَا بِغَيْرِهَا مِنْهُ لِغَرِيمِهِ أَوْ لِغَيْرِهَا بِهَا مِنْ غَرِيمِهِ لَهُ (أَوْ غَيْرُهُمَا) كَجَعَالَةٍ وَإِعَارَةٍ وَسَلَمٍ وَخُلْعٍ كَأَنْ صَالَحْتُهُ مِنْهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً (أَوْ) جَرَى (عَلَى بَعْضِهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (فَهِبَةٌ لِلْبَاقِي) مِنْهَا لِذِي الْيَدِ فَيَصِحُّ بِلَفْظِ الصُّلْحِ كَصَالَحْتُكَ مِنْ الدَّارِ عَلَى بَعْضِهَا كَمَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ لَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ الثَّمَنِ (فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ لِأَنْوَاعِ الصُّلْحِ
(أَوْ) جَرَى (مِنْ دَيْنٍ) غَيْرِ ثَمَنٍ (عَلَى غَيْرِهِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ عَلَى عَيْنٍ (فَقَدْ مَرَّ) حُكْمُهُ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهُوَ أَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْعِوَضِ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِلَّا فَلَا، لَكِنْ إنْ كَانَ الْعِوَضُ دَيْنًا اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ
(أَوْ) مِنْ دَيْنٍ (عَلَى بَعْضِهِ فَأَبْرَأَهُ عَنْ بَاقِيهِ) كَصَالَحْتُكَ عَنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ لِصِدْقِ حَدِّ الْإِبْرَاءِ عَلَيْهِ وَيُسَمَّى هُوَ وَالصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ صُلْحَ حَطِيطَةٍ وَمَا عَدَاهُمَا غَيْرَ صُلْحِ الْإِعَارَةِ صُلْحَ مُعَاوَضَة
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى دَيْنٍ) أَيْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْغَيْرِ أَيْ أَوْ أَنْشَأَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ س ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ بِصِفَاتِ السَّلَمِ) كَأَنْ قَالَ صَالَحْتُكَ مِنْ الدَّارِ الَّتِي أَدَّعِيهَا عَلَيْكَ عَلَى ثَوْبٍ فِي ذِمَّتِكَ صِفَتُهُ كَذَا، وَكَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ السَّلَمِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِهَذَا لِيُغَايِرَ مَا هُنَا وَسَيَأْتِي مِنْ صُورَةِ السَّلَمِ فَالْفَارِقُ ذِكْرُ لَفْظِ السَّلَمِ وَعَدَمُ ذِكْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ، فَهُوَ الْبَيْعُ كَمَا تَقَدَّمَ تَصْوِيرُهُ وَإِنْ ذَكَرَ، فَهُوَ السَّلَمُ قَالَ ع ش: فِي عَطْفِ الثَّوْبِ عَلَى الدَّيْنِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الدَّيْنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا قَبْلُ أَوْ لَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ عَطْفَ الثَّوْبِ عَلَى الدَّيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إجَارَةُ لَهَا) أَيْ لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ بِغَيْرِهَا أَيْ بِغَيْرِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُدَّعِي لِغَرِيمِهِ، وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُقِرُّ كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى مَنْفَعَتِهَا سَنَةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ح ل وَهَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ غَيْرِ الْغَالِبِ لِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ مَتْرُوكَةً وَالْعَيْنِ مَأْخُوذَةً وَالْأَوْلَى تَصْوِيرُهَا عَلَى الْغَالِبِ كَأَنْ يَقُولَ صَالَحْتُكَ مِنْ مَنْفَعَةِ الدَّارِ الَّتِي أَدَّعِيهَا عَلَيْكَ عَلَى دِينَارٍ بِأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَنْفَعَةَ دَارِهِ سَنَةً مَثَلًا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهَا بِهَا) كَأَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَالَحْتُكَ مِنْ الدَّارِ الَّتِي أَدَّعِيهَا عَلَيْكَ عَلَى سُكْنَى دَارِكَ سَنَةً مَثَلًا فَدَارُهُ مُؤَجَّرَةٌ وَالْعَيْنُ الْمُدَّعَاةُ أُجْرَةٌ لَهَا. (قَوْلُهُ: كَجِعَالَةٍ) كَأَنْ قَالَ الْمُدَّعِي: صَالَحْتُكَ مِنْ الْعَيْنِ الَّتِي أَدَّعِيهَا عَلَيْكَ عَلَى رَدِّ عَبْدِي ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِعَارَةٍ) كَأَنْ صَالَحَهُ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً فَإِعَارَةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَإِلَّا فَمُطْلَقَةٌ كَأَنْ قَالَ الْمُدَّعِي: صَالَحْتُكَ مِنْ الدَّارِ الَّتِي أَدَّعِيهَا عَلَيْكَ عَلَى سُكْنَاهَا سَنَةً فَالْمُعِيرُ الْمُدَّعِي وَالْمُسْتَعِيرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ. ح ل وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ عَلَى تَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَمِنْ عَلَى الْمَتْرُوكِ وَهَاهُنَا بِالْعَكْسِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ لَا كُلِّيَّةٌ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَسَلَمٍ) كَأَنْ قَالَ الْمُدَّعِي صَالَحْتُكَ مِنْ الْعَيْنِ الَّتِي ادَّعِيهَا عَلَيْكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي ذِمَّتِكَ كَذَا سَلَمًا ح ل.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَسَلَمٍ أَيْ صُورَةٍ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمُدَّعِي بِهِ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَكَلَامُهُمْ هُنَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ بِلَفْظِ الصُّلْحِ فَقَوْلُهُمْ: فِي حَدِّهِ بِلَفْظِ السَّلَمِ يُزَادُ عَلَيْهِ أَوْ الصُّلْحُ وَقَالَ شَيْخُنَا: السَّلَمُ حَقِيقَةً يُشْتَرَطُ فِيهِ لَفْظُهُ وَحُكْمًا كَمَا هُنَا يَجُوزُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ صَالَحْتُهُ مِنْهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً) فَيُقْبَلُ بِقَوْلِهِ صَالَحْتُكِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ طَلَّقْتُكِ وَلَا حَاجَةَ إلَى إنْشَاءِ عَقْدِ خُلْعٍ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ ع ش عَلَى م ر وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ ح ل وَلَا بُدَّ أَنْ يُقَالَ طَلَّقْتُكِ أَوْ خَالَعْتكِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ) بِأَنْ يَقُولَ: وَهَبْتُكَ نِصْفَهَا وَصَالَحْتُكَ عَلَى نِصْفِهَا وَقَوْلُهُ: لَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ قِيلَ بِعْتُكَ نِصْفَهَا وَصَالَحْتُكَ عَلَى نِصْفِهَا. (قَوْلُهُ: لَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّهُ إذَا بَاعَهَا بِنِصْفِهَا فَقَدْ بَاعَ مِلْكَهُ بِمِلْكِهِ أَوْ بَاعَ الشَّيْءَ بِبَعْضِهِ، وَهُوَ مُحَالٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) كَالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَاشْتِرَاطِ الْقَطْعِ فِي بَيْعِ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ وَفَسَادِهِ بِالْغَرَرِ وَالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَجَرَيَانِ التَّحَالُفِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ
وَقَوْلُهُ: وَالْإِجَارَةِ كَثُبُوتِ الْخِيَارِ بِانْهِدَامِ بَعْضِهَا وَانْفِسَاخِهَا بِانْهِدَامِ كُلِّهَا
(وَقَوْلُهُ: وَالْهِبَةِ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي لُزُومِهَا
. (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ عَيْنٍ أَوْ مِنْ دَيْنٍ وَلَوْ مَنْفَعَةً ح ل. (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ عَلَى عَيْنٍ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْعَيْنِ يُوهِمُ فَسَادَهُ إذَا جَرَى مِنْ دَيْنٍ عَلَى مَنْفَعَةٍ أَوْ عَلَى دَيْنٍ يُنْشِئُهُ الْآنَ ع ش.
(قَوْلُهُ: إنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَأَنْ صَالَحَ عَنْ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ وَاشْتَرَطَ تَسَاوِيَهُمَا إنْ كَانَا جِنْسًا وَاحِدًا ح ل.
(قَوْلُهُ: وَاشْتِرَاطُ تَعْيِينِهِ فِي الْمَجْلِسِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَإِلْحَاقُ الْمُعَيَّنِ فِي الْمَجْلِسِ بِالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا اللَّازِمَ فِي الذِّمَّةِ أَيْ وَالدَّيْنُ الْمُصَالَحُ بِهِ هُنَا غَيْرُ لَازِمٍ فَيَكْفِي تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ عَنْ تَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ وَالْكَلَامُ فِي دَيْنٍ مُخَالِفُ لِلدَّيْنِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ جِنْسًا أَوْ نَوْعًا؛ لِأَنَّ هَذَا فِيهِ اعْتِيَاضٌ فَجَرَتْ فِيهِ أَحْكَامُ الرِّبَا أَمَّا دَيْنٌ مِنْ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ، فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ لَا اعْتِيَاضٌ فَلَا يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ع ش.
. (قَوْلُهُ: فَإِبْرَاءٌ عَنْ بَاقِيهِ) وَلَا يَعُودُ الدَّيْنُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْبَاقِي عَلَى الْأَرْجَحِ س ل. (قَوْلُهُ: عَلَى خَمْسِمِائَةٍ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْخَمْسُمِائَةِ مُعَيَّنَةً لَا يَصِحُّ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ
الصفحة 4
463