كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)

وَمَا لَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ فَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ زَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ أَوْ الْمُعْتِقِ أَوْ الْبَائِعِ لَا لَهَا، وَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَأَوْصَى لَهَا بِمَهْرِهَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا مَلَكَتْهُ بِالْوَصِيَّةِ لَا بِالنِّكَاحِ وَقَوْلِي مَلَكَتْهُ بِنِكَاحٍ مِنْ زِيَادَتِي، وَالْحَبْسُ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ لِوَلِيِّهِمَا وَفِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا أَوْ لِوَلِيِّهِ.

(وَلَوْ تَنَازَعَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي الْبُدَاءَةِ) بِالتَّسْلِيمِ بِأَنْ قَالَ: لَا أُسَلِّمُ الْمَهْرَ حَتَّى تُسْلَمِي نَفْسَك. وَقَالَتْ: لَا أُسَلِّمُهَا حَتَّى تُسَلِّمَهُ؛ (أُجْبِرَا فَيُؤْمَرُ بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ وَتُؤْمَرُ بِتَمْكِينٍ) لِنَفْسِهَا. (فَإِذَا مَكَّنَتْ أَعْطَاهُ) أَيْ الْعَدْلُ الْمَهْرَ (لَهَا) وَإِنْ لَمْ يَأْتِهَا الزَّوْجُ قَالَ الْإِمَامُ فَلَوْ هَمَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْإِعْطَاءِ فَامْتَنَعَتْ فَالْوَجْهُ اسْتِرْدَادُهُ، (وَلَوْ بَادَرَتْ فَمَكَّنَتْ طَالَبَتْهُ) بِالْمَهْرِ، (فَإِنْ لَمْ يَطَأْ امْتَنَعَتْ حَتَّى يُسَلِّمَ الْمَهْرَ) ، وَإِنْ وَطِئَهَا طَائِعَةً فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِتَسْلِيمِهِنَّ.

(وَلَوْ بَادَرَ فَسَلَّمَ) الْمَهْرَ (فَلْتُمَكِّنْ) أَيْ يَلْزَمُهَا التَّمْكِينُ إذَا طَلَبَهُ (فَإِنْ امْتَنَعَتْ) وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (لَمْ يَسْتَرِدَّ) لِتَبَرُّعِهِ بِالْمُبَادَرَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَذَاكَ وَإِلَّا فُسِخَ الصَّدَاقُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَيُسَلِّمُهُ لِعَدْلٍ وَتُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا ح ل، وَقَدْ يُقَالُ: تُجْبَرُ هِيَ لِأَنَّ رِضَاهَا بِالتَّعْلِيمِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ عَادَةً إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ كَالتَّأْجِيلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ إجْبَارُهَا فِيهِ، وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ انْتِهَاءَ الْأَجَلِ مَعْلُومٌ فَتُمْكِنُهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهُ، وَزَمَنُ التَّعْلِيمِ لَا غَايَةَ لَهُ فَهِيَ إذَا مَكَّنَتْهُ قَدْ يَتَسَاهَلُ فِي التَّعْلِيمِ فَتَطُولُ الْمُدَّةُ عَلَيْهَا بَلْ رُبَّمَا فَاتَ التَّعْلِيمُ بِذَلِكَ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ الْجَزْمُ بِذَلِكَ ع ش عَلَى م ر، وَلَوْ نَكَحَ بِأَلْفٍ بَعْضُهَا مُؤَجَّلٌ بِمَجْهُولٍ كَمَا يَقَعُ فِي زَمَنِنَا مِنْ قَوْلِهِمْ يَحِلُّ بِمَوْتٍ، أَوْ فِرَاقٍ فَسَدَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لَا مَا يُقَابِلُ الْمَجْهُولَ لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْأَجَلِ اهـ شَرْحُ م ر وع ش.
(قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ) هَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَلَكَتْهُ وَقَوْلُهُ وَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةً خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِنِكَاحٍ فَالْقُيُودُ ثَلَاثَةٌ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَهَا) أَيْ: أُمَّ الْوَلَدِ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا، أَوْ الْأَمَةَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ زَوَّجَهَا) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَالْمَجْنُونَةِ) أَيْ: وَالسَّفِيهَةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِوَلِيِّهِمَا) مَا لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِي التَّسْلِيمِ وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ بِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ تَظْهَرُ ثَمَّ غَالِبًا شَوْبَرِيٌّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي وَلِيِّ السَّفِيهَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا) ، وَكَذَا فِي الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ مَنْعَهَا مِنْ جَمِيعِ التَّبَرُّعَاتِ وَلَا يُقَالُ: هُوَ بَدَلُ بُضْعِهَا وَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ. اهـ. ح ل

. (قَوْلُهُ: أُجْبِرَا) أَيْ: حَيْثُ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا، فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْبَرَا بَلْ تُجْبَرُ هِيَ لِرِضَاهَا بِمَا فِي الذِّمَّةِ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُجْرُوا هُنَا الْقَوْلَ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ تُجْبَرُ وَحْدَهَا كَالْبَائِعِ بِفَوَاتِ بَعْضِهَا هُنَا دُونَ الْمَبِيعِ ثَمَّ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ) وَلَيْسَ نَائِبًا عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ إذْ لَوْ كَانَ نَائِبَهُ لَكَانَتْ هِيَ الْمُجْبَرَةُ وَحْدَهَا، وَلَوْ كَانَ نَائِبَهَا لَكَانَ هُوَ الْمُجْبَرُ وَحْدَهُ بَلْ هُوَ نَائِبُ الشَّرْعِ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الزَّوْجِ كَعَدْلِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَوْ تَلِفَ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا مَكَّنَتْ أَعْطَاهُ لَهَا) وَيَظْهَرُ أَنَّ تَمْكِينَ الرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ وَنَحْوِهِمَا لِلِاسْتِمْتَاعِ بِغَيْرِ وَطْءِ كَتَمْكِينِ السَّلِيمَةِ لِلْوَطْءِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا بِمَا دُونَ الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ وَإِنْ اسْتَمْتَعَ وَهِيَ مُخْتَارَةٌ فَلَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي، قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ: وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَزُفَّتْ إلَى الزَّوْجِ بِمَنْزِلِهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِإِذْنِهَا فَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ سُكْنَاهُ، وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي مَنْزِلِهَا بِإِذْنِ أَهْلِهَا وَهِيَ سَاكِتَةٌ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِمُدَّةِ إقَامَتِهِ مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعْمَلَ الزَّوْجُ أَوَانِيَ الْمَرْأَةِ وَأَمْتِعَتَهَا وَهِيَ سَاكِتَةٌ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ اهـ خَادِمٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَطَأْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ إعْطَاءِ الْمَهْرِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ إلَخْ، قَالَ ح ل أَيْ: فِي غَيْرِ الرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ وَلَمْ يَسْتَمْتِعْ بِالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالشَّامِ وَالْعَقْدُ بِغَزَّةَ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا بِغَزَّةَ اعْتِبَارًا بِمَحِلِّ الْعَقْدِ، فَإِنْ طَلَبَهَا إلَى مِصْرَ فَنَفَقَتُهَا مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ عَلَيْهَا ثُمَّ مِنْ غَزَّةَ إلَى مِصْرَ عَلَيْهِ وَهَلْ مُؤْنَةُ الطَّرِيقِ مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: نَعَمْ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِأَمْرِهِ وَالثَّانِيَ لَا؛ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِغَزَّةَ، قَالَ: وَهَذَا أَقْيَسُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ: غَيْرَ الرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ، وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، أَوْ اسْتَمْتَعَ بِالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ فَلَوْ زَالَ ذَلِكَ أَيْ: الرَّتَقُ وَالْقَرَنُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَحْبِسُ نَفْسَهَا. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونَةً) ، وَإِنْ مَكَّنَتْهُ عَاقِلَةٌ ثُمَّ جُنَّتْ وَوَطِئَهَا حَالَ جُنُونِهَا عَلَى الْأَقْرَبِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَطْءِ، وَقَدْ وَقَعَ حَالَ جُنُونِهَا شَوْبَرِيٌّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِوَلِيِّهَا أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْوَطْءِ، وَلَوْ سَلَّمَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرَةَ، أَوْ الْمَجْنُونَةَ لِمَصْلَحَةٍ كَانَ كَتَسْلِيمِ الْبَالِغَةِ نَفْسَهَا، لَكِنْ لَوْ كَمَّلَتْ كَانَ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَعْدَ الْكَمَالِ، وَلَوْ سَلَّمَتْ السَّفِيهَةُ نَفْسَهَا وَرَأَى الْوَلِيُّ الْمَصْلَحَةَ فِي عَدَمِ تَسْلِيمِهَا كَانَ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَإِنْ وُطِئَتْ ح ل

. (قَوْلُهُ: لَمْ يُسْتَرَدَّ) أَيْ: إنْ قَبَضَتْهُ، فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ إقْبَاضِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: لِتَبَرُّعِهِ بِالْمُبَادَرَةِ) أَيْ: مَعَ تَسَلُّمِهَا لِلْمَهْرِ

الصفحة 407