كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)

أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا (صَحَّ النِّكَاحُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ وَلَا بِفَسَادِ شَرْطِ مِثْلِ ذَلِكَ (بِمَهْرِ مِثْلٍ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى بِالشَّرْطِ فِي صُوَرِهِ، وَبِانْتِفَاءِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَبِالْمُخَالَفَةِ فِي صُورَتَيْ النَّقْصِ، وَوَجْهُهَا فِي ثَانِيَتِهِمَا أَنَّ النِّكَاحَ بِالْإِذْنِ الْمُطْلَقِ مَحْمُولٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَقَدْ نَقَصَ عَنْهُ، وَوَجْهُ فَسَادِهِ فِي الْأَخِيرَةِ مُخَالَفَةُ الشَّرْطِ لِمُقْتَضَى النِّكَاحِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْمَهْرَ لَمْ يَتَمَحَّضْ عِوَضًا بَلْ فِيهِ مَعْنَى النِّحْلَةِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ الْخِيَارُ.
وَفِي السَّادِسَةِ وَالسَّابِعَةِ أَنَّ الْأَلْفَ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْمَهْرِ فَهُوَ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ، وَإِلَّا فَقَدْ جَعَلَ بَعْضَ مَا الْتَزَمَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ فَيَفْسُدُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَلَا يَسْرِي فَسَادُهُ إلَى النِّكَاحِ لِاسْتِقْلَالِهِ، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي فِي الْأُولَى مِنْ مَالِهِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ فَيَصِحُّ بِالْمُسَمَّى عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْ الْإِمَامِ وَجَزَمَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ حَذَرًا مِنْ إضْرَارِ مُوَلِّيهِ بِلُزُومِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي مَالِهِ، وَيَفْسُدُ عَلَى احْتِمَالِهِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ مُوَلِّيهِ.

(أَوْ أَخَلَّ بِهِ) أَيْ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّابِعَةِ مُقْتَضٍ لِحِلِّهَا بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ عَلَامَةً عَلَيْهِ ح ل وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَدْ يُوَضَّحُ بِأَنَّ نِكَاحَ الْوَاحِدَةِ مَثَلًا لَمَّا كَانَ مَظِنَّةَ الْحَجْرِ وَمَنْعِ غَيْرِهَا أَثْبَتَ الشَّارِعُ حِلَّ غَيْرِهَا بَعْدَ نِكَاحِهَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عُمُومِ تِلْكَ الْمَظِنَّةِ لِمَنْعِ غَيْرِهَا، فَصَارَ نِكَاحُ غَيْرِهَا مِنْ آثَارِ نِكَاحِهَا وَتَابِعًا لَهُ فِي الثُّبُوتِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ ذَكَرَهُ سم وع ش عَلَى م ر فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ مُقْتَضِيًا لِتَزَوُّجِ غَيْرِهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْمَنْعِ ثَابِتًا قَبْلُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا) أَيْ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ فَهَذَا مِمَّا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ الْأَصْلِيِّ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ، وَإِنْ صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الصِّحَّةَ وَبُطْلَانَ الشَّرْطِ شَرْحُ م ر.
قَالَ حَجّ: كَيْفَ يُعْقَلُ؟ فَرْقٌ بَيْنَ شَرْطِ عَدَمِ النَّفَقَةِ مِنْ أَصْلِهَا وَشَرْطِ كَوْنِهَا عَلَى الْغَيْرِ وَمَا يُعْقَلُ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَ ذَلِكَ خَيَالٌ لَا أَثَرَ لَهُ. اهـ. وَفَرَّقَ س ل بِأَنَّهُ عُهِدَ سُقُوطُ النَّفَقَةِ عَنْ الزَّوْجِ وَلَمْ يُعْهَدْ وُجُوبُهَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَأَمَّا وُجُوبُ النَّفَقَةِ عَلَى الْوَلَدِ فِي الْإِعْفَافِ فَالْمُرَادُ إيجَابُ أَدَائِهَا عَنْ الْوَالِدِ أَيْ: فَالْوَلَدُ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ. (قَوْلُهُ: صَحَّ النِّكَاحُ) أَيْ: فِي التِّسْعِ صُوَرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ) أَيْ: لَا يَفْسُدُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الصُّوَرِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا بِفَسَادِ شَرْطٍ أَيْ: فِي صُوَرِهِ وَهِيَ الْأَرْبَعُ الْأَخِيرَةِ. (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْمُسَمَّى) عِلَّةٌ لِصِحَّتِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا قَبْلَهُ لِصِحَّتِهِ فَقَطْ فَالْمُدَّعَى شَيْئَانِ. (قَوْلُهُ: فِي صُوَرِهِ) وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخِيرَةُ. (قَوْلُهُ: فِي صُورَتَيْ النَّقْصِ) هُمَا قَوْلُهُ: أَوْ عَيَّنَتْ لَهُ قَدْرًا مَعَ قَوْلِهِ، أَوْ أَطْلَقَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ) فَكَأَنَّهَا قَيَّدَتْ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ فَسَادِهِ فِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعُدْ عَلَى النِّكَاحِ بِالْبُطْلَانِ فَكَيْفَ عَوْدُهُ عَلَى الْمَهْرِ بِالْبُطْلَانِ؟ وَأَيْضًا فِيهِ مُصَادَرَةٌ فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُعَلَّلَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ م ر وَهُوَ إنَّمَا فَسَدَ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ شَارِطَهُ لَمْ يَرْضَ بِالْمُسَمَّى إلَّا مَعَ سَلَامَةِ شَرْطِهِ وَلَمْ يَسْلَمْ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: بَلْ فِيهِ مَعْنَى النِّحْلَةِ) ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَمْتِعُ بِهِ كَمَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا فَكَانَ الِاسْتِمْتَاعُ فِي مُقَابِلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْمَهْرُ نِحْلَةٌ وَهِبَةٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ) شَامِلٍ لِمَا إذَا كَانَ الْإِعْطَاءُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْأَلْفُ مِنْ الْمَهْرِ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ) مَفْعُولٌ ثَانٍ لَجَعَلَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْرِي) دَفَعَ بِهِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْبَيْعِ أَنَّهُ يَفْسُدُ أَيْضًا كَالْبَيْعِ وَقَوْلُهُ لِاسْتِقْلَالِهِ أَيْ: عَدَمِ افْتِقَارِهِ أَبَدًا إلَى ذِكْرِ الْمَهْرِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ صِحَّتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى ذِكْرِ الثَّمَنِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ: جَمِيعُ الْمَالِ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الَّذِي مِنْ مَالِهِ هُوَ الْقَدْرُ الزَّائِدُ فَقَطْ فَلَا يَأْتِي فِيهِ تَعْلِيلُ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَيَأْتِي فِيهِ تَعْلِيلُ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي ح ل. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ) أَيْ: أَحَدَ احْتِمَالَيْ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: حَذِرًا) عِلَّةٌ لِصِحَّتِهِ بِالْمُسَمَّى، وَقَوْلُهُ: مِنْ إضْرَارِ مُوَلِّيهِ أَيْ: لَوْ أَبْطَلْنَا الْمُسَمَّى الزَّائِدَ الَّذِي سَمَّاهُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي مَالِ الْمَوْلَى فَيَتَضَرَّرُ، قَالَ م ر: وَلِظُهُورِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ لَمْ يُنْظَرْ إلَى تَضَمُّنِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الِاحْتِمَالَ الْآخَرَ، وَقَالَ ح ل: هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ يَرْجِعُ لِلْأَبِ لَوْ قُلْنَا بِالْفَسَادِ لَا لِلِابْنِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ التَّمْلِيكِ وَقَعَتْ فَاسِدَةً وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْفَسْخِ الْآتِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ. اهـ. وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ الْوَلِيُّ بِمَا زَادَ مِنْ مَالِهِ أَنَّهُ يَبْطُلُ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ، وَالْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: الْإِمْهَارَ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِصِيغَةِ تَمْلِيكٍ، لَكِنْ ذَكَرَ ع ش أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِصِيغَةِ تَمْلِيكٍ كَأَنْ يَهَبَهُ لَهُ وَيَقْبَلَهُ لَهُ، فَيَجُوزُ الْإِفْتَاءُ بِكَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الِاحْتِمَالِ، وَالْإِفْتَاءُ بِكَلَامِ ع ش وَهُوَ أَحْوَطُ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِحَالِ الصَّدَاقِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَصَرَّحَ ع ش مُرَّةً أُخْرَى بِأَنَّهُ يَكْفِي الْهِبَةُ الضِّمْنِيَّةُ وَلَا يُحْتَاجُ لِصِيغَةِ تَمْلِيكٍ إلَّا فِي الْوَلَدِ الْبَالِغِ فَيُوَافِقُ مَا هُنَا

. (قَوْلُهُ، أَوْ أَخَلَّ) الْمُنَاسِبُ فَإِنْ أَخَلَّ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَلَمْ يُخِلَّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ، وَمِمَّا يُخِلُّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ شَرْطُ أَنْ لَا يَرِثَهَا، أَوْ لَا تَرِثُهُ فَلَوْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً، فَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَتْ كَذَلِكَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا شَوْبَرِيٌّ، قَالَ ح ل: وَفِي كَوْنِ نَفْيِ الْإِرْثِ يُخِلُّ بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ

الصفحة 411