كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)

مِمَّا ذَكَرَ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ وَلَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا فَيَقَعُ رَجْعِيًّا كَمَا سَيَأْتِي وَالتَّقْيِيدُ بِالْحَجْرِ مِنْ زِيَادَتِي.

(أَوْ) اخْتَلَعَتْ (مَرِيضَةٌ مَرَضَ مَوْتٍ صَحَّ) لِأَنَّ لَهَا التَّصَرُّفَ فِي مَالِهَا (وَحُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلٍ) بِخِلَافِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَأَقَلَّ مِنْهُ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ إنَّمَا هُوَ بِالزَّائِدِ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْبُضْعِ مِلْكُ زَوْجٍ لَهُ فَيَصِحُّ) الْخُلْعُ (فِي رَجْعِيَّةٍ) لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ لَا فِي بَائِنٍ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَالْخُلْعُ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ فِي رِدَّةٍ أَوْ إسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا مَوْقُوفٌ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْعِوَضِ صِحَّةُ إصْدَاقِهِ فَلَوْ خَالَعَهَا بِفَاسِدٍ يُقْصَدُ) كَمَجْهُولٍ وَخَمْرٍ وَمَيْتَةٍ وَمُؤَجَّلٍ بِمَجْهُولٍ (بَانَتْ) لِوُقُوعِهِ بِعِوَضٍ (بِمَهْرِ مِثْلٍ) لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ فَسَادِ الْعِوَضِ كَمَا فِي فَسَادِ الصَّدَاقِ (أَوْ) بِفَاسِدٍ (لَا يُقْصَدُ) كَدَمٍ وَحَشَرَاتٍ (فَرَجْعِيٌّ) ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ بِحَالٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ بِخِلَافِ الْمَيْتَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تُقْصَدُ لِلضَّرُورَةِ وَلِلْجَوَارِحِ وَتَعْبِيرِي بِفَاسِدٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَجْهُولٍ وَخَمْرٍ وَقَوْلِي يُقْصَدُ مَعَ قَوْلِي أَوْ لَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَلَوْ خَالَعَ بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ فَسَدَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ بِصَحِيحٍ وَفَاسِدٍ مَعْلُومٍ صَحَّ فِي الصَّحِيحِ وَوَجَبَ فِي الْفَاسِدِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ خَالَعَ بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا تَطْلُقُ فِي الْخُلْعِ بِمَجْهُولٍ إذَا لَمْ يُعَلِّقْ أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهِ وَأَمْكَنَ مَعَ الْجَهْلِ فَلَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ دَيْنِكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَهُوَ مَجْهُولٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتَثْنَى مِنْهَا صُورَةً فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ لَا يَقَعُ فِيهَا طَلَاقٌ أَصْلًا وَعِبَارَةُ الْبَرْمَاوِيِّ سَوَاءٌ ذَكَرَ مَالًا أَوْ لَا وَلَيْسَ لَنَا طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولٍ إلَّا هَذَا
(قَوْلُهُ: مِمَّا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ اخْتَلَعَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ اخْتَلَعَتْ إلَّا إنْ قَبِلَتْ ح ل (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ بِالْخُلْعِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُضْمِرْ) أَيْ لَمْ يَنْوِ الْتِمَاسَ أَيْ طَلَبَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الِالْتِمَاسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نِيَّةِ قَبُولِهِ طَلَبُهُ وَقَوْلُهُ أَيْضًا وَلَمْ يُضْمِرْ فَإِنْ أَضْمَرَهُ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُعَلَّقٌ عَلَى قَبُولِهَا وَلَمْ تَقْبَلْ وَقَوْلُهُ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ح ل وَإِلَّا فَيَقَعُ بَائِنًا تُضَمُّ هَذِهِ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ: وَإِلَّا فَيَقَعُ بَائِنًا وَيُضَمُّ قَوْلُهُ: فَيَقَعُ رَجْعِيًّا لِصُورَةِ الْمَتْنِ فَيَكُونُ صُوَرُ الْمَحْجُورَةِ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ سَبْعَةً اثْنَتَانِ يَقَعُ فِيهِمَا الطَّلَاقُ بَائِنًا وَاثْنَتَانِ يَقَعُ فِيهِمَا رَجْعِيًّا وَثَلَاثٌ لَا يَقَعُ فِيهَا طَلَاقٌ أَصْلًا س ل بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الطَّلَاقِ هُنَا وَلَوْ بِلَفْظِهِ حَرِّرْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ رَجْعِيًّا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مُسْتَقِلٌّ بِلَا عِوَضٍ

(قَوْلُهُ زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ) فَإِنْ لَمْ يَسَعْ الزَّائِدَ الثُّلُثُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فُسِخَ الْمُسَمَّى وَرَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ خَالَعَتْ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ فَالْمُحَابَاةُ بِنِصْفِهِ فَإِنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ أَخَذَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ وَمَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ وَيَأْخُذَ مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ تَرِكَتِهَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ إنَّمَا هُوَ بِالزَّائِدِ) وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي نَظِيرِ فَكِّ الْعِصْمَةِ لَا يُقَالُ إنَّ الزَّائِدَ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَهُوَ الزَّوْجُ لِخُرُوجِهِ بِالْخُلْعِ عَنْ الْإِرْثِ نَعَمْ إنْ وَرِثَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَأَنْ كَانَ ابْنَ عَمٍّ فَالزَّائِدُ وَصِيَّةُ الْوَارِثِ

(قَوْلُهُ مِلْكُ زَوْجٍ لَهُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا فِي بَائِنٍ) وَلَوْ بِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مُعَاشِرًا لَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَالْبَائِنِ إلَّا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ فَلَا عِصْمَةَ يَمْلِكُهَا حَتَّى يَأْخُذَ فِي مُقَابَلَتِهَا مَالًا وَهَلْ تَطْلُقُ بِذَلِكَ الظَّاهِرُ نَعَمْ ح ل

(قَوْلُهُ: وَشَرَطَ فِي الْعِوَضِ) أَيْ لِيَقَعَ بِهِ الْخُلْعُ (قَوْلُهُ: صِحَّةَ إصْدَاقِهِ) فَلَوْ خَالَعَهَا بِمَا لَا يَصِحُّ إصْدَاقُهُ نُظِرَ إنْ خَالَعَهَا بِفَاسِدٍ يُقْصَدُ. . . إلَخْ فَهُوَ قِسْمَانِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ حَدُّ التَّعْزِيرِ وَالْقَذْفِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ إصْدَاقَهَا صَحِيحٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى تَعْلِيمِهِ سُورَةً بِنَفْسِهَا لِتَعَذُّرِ التَّعْلِيمِ فَهَذَا تَخَلُّفٌ لِلْعُذْرِ ح ل (قَوْلُهُ: وَخَمْرٍ وَمَيْتَةٍ) كَأَنْ قَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى هَذَا الْخَمْرِ أَوْ هَذِهِ الْمَيْتَةِ أَوْ عَلَى هَذَا وَهُوَ فِي الْوَاقِعِ خَمْرٌ أَوْ مَيْتَةٌ ح ل (قَوْلُهُ: كَدَمٍ) عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ ح ل (قَوْلُهُ: وَحَشَرَاتٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا ح ل، وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ ضَابِطَ ذَلِكَ فَقَالَ:
بِفَاسِدٍ يُقْصَدُ أَوْ ذِي جَهْلٍ ... الْخُلْعُ وَاقِعٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ
رَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ بِغَيْرِ مَا قَصَدْ ... وَبِالْمُسَمَّى إنْ بِمَا صَحَّ عَقَدْ
(قَوْلُهُ: فَسَدَ) أَيْ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ وَكَذَا إنْ كَانَ فِي كَفِّهَا شَيْءٌ فَاسِدٌ مَقْصُودٌ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ فِي كَفِّهَا مَعْلُومٌ صَحِيحٌ وَعَلِمَ بِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي مُقَابَلَتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي كَفِّهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَا وَقَعَ رَجْعِيًّا اهـ. س ل (قَوْلُهُ: بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَإِنْ عَلِمَ خُلُوَّ كَفِّهَا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُعَلِّقْ. . . إلَخْ) كَقَوْلِهِ خَالَعْتكِ عَلَى ثَوْبٍ فِي ذِمَّتِك فَإِنَّهَا تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَأَمَّا لَوْ عَلَّقَ بِمَجْهُولٍ فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ إعْطَاءُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَإِنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا فَأَنْت طَالِقٌ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بِإِعْطَائِهَا لَهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَوْ عَلَّقَ. . . إلَخْ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ إعْطَاءُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَأَنْ عَلَّقَ خُلْعَهَا عَلَى إعْطَاءِ مَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ لَمْ تَطْلُقْ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ) أَيْ لِرَشِيدَةٍ وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إذَا لَمْ يُعَلِّقْ وَمُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوْ عَلَّقَ. . . إلَخْ مَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتُك عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي مَا فِي كَفِّك وَلَا شَيْءَ فِي كَفِّهَا فَإِنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ إعْطَاؤُهُ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ أَيْ قَوْلُهُ: إنْ أَبْرَأْتَنِي

الصفحة 447