كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)

فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ فَإِذَا تَلِفَ كَانَ عَلَى الْمُلْتَزِمِ وَبَقِيَ حَقُّ الزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهِ.

(وَلَوْ وَكَّلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (وَاحِدًا تَوَلَّى طَرَفًا) مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ وَكِيلِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الطَّرَفِ الْآخَرِ فَلَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ مَا) مَرَّ فِيهَا (فِي الْبَيْعِ) عَلَى مَا يَأْتِي (وَ) لَكِنْ (لَا يَضُرُّ) هُنَا (تَخَلُّلُ كَلَامٌ يَسِيرٍ) وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثَمَّ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ مِمَّنْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ.

(وَصَرِيحُ خُلْعٍ وَكِنَايَتُهُ صَرِيحُ طَلَاقٍ وَكِنَايَتُهُ) وَسَيَأْتِيَانِ فِي بَابِهِ وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ كِنَايَتِهِ (فَسْخٌ وَبَيْعٌ) كَأَنْ يَقُولَ فَسَخْتُ نِكَاحَكِ بِأَلْفٍ أَوْ بِعْتُكِ نَفْسَكِ بِأَلْفٍ فَتَقْبَلُ فَيَحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ إلَى النِّيَّةِ.

(وَمِنْ صَرِيحِهِ مُشْتَقُّ مُفَادَاةٍ) لِوُرُودِ الْقُرْآنِ بِهِ قَالَ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] (وَ) مُشْتَقُّ (خُلْعٍ) لِشُيُوعِهِ عُرْفًا وَاسْتِعْمَالًا لِلطَّلَاقِ مَعَ وُرُودِ مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ (فَلَوْ جَرَى) أَحَدُهُمَا (بِلَا) ذِكْرِ (عِوَضٍ) مَعَهَا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِنِيَّةِ الْتِمَاسِ قَبُولٍ) كَأَنْ قَالَ خَالَعْتكِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَأَنْتِ طَالِقٌ عَنْ مُوَكِّلِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ وَلَمْ يُعَلِّقْ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ لِيُخَالِفَ مَا قَبْلَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَعَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ. . . إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ الْمُوهِمَةِ خِلَافَ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ يُوهِمُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَبْرَأْ الْمُلْتَزِمُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَرَاءَتِهِ لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِاللَّازِمِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقَبْضَ صَحِيحٌ فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ بَرَاءَةِ الْمُلْتَزِمِ بِالْقَبْضِ وَلِلْإِذْنِ فِيهِ

(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِيهَا) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْخُلْعَ قَدْ يَكُونُ بِدُونِ قَبُولٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بَدَأَ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ إلَخْ وَأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ بِالتَّعْلِيقِ كَمَا فِي قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ مَعَ عَدَمِ تَوَافُقِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعْنًى كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ. . . إلَخْ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الرَّابِعَةِ فَدَفَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَكِنْ لَا يَضُرُّ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) عِبَارَتُهُ ثَمَّ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فِي الْخُلْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْخُلْعِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ شَائِبَةُ تَعْلِيقٍ وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ شَائِبَةُ جَعَالَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ) تَقَدَّمَ تَضْعِيفُ نَظِيرِ هَذَا فِي الْبَيْعِ وَهُنَا كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ وَغَيْرُهُ ح ل

(قَوْلُهُ: وَصَرِيحُ خُلْعٍ. . . إلَخْ) كَأَنَّ الْأَوْلَى عَكْسَ ذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ وَصَرِيحُ طَلَاقٍ. . . إلَخْ فَسَائِرُ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ كِنَايَاتٌ فِي الْخُلْعِ مَعَ ذِكْرِ الْمَالِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الطَّلَاقَ ح ل.
وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعِبَارَةَ مَقْلُوبَةٌ؛ لِأَنَّ صِيَغَ الطَّلَاقِ مَعْلُومَةٌ وَالْمَعْلُومُ يُجْعَلُ مُبْتَدَأً وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ هُوَ الْخُلْعُ لَكِنْ يَرُدُّهُ أَنَّ الْخَبَرَ هُوَ الْمَجْهُولُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا فَسْخٌ وَبَيْعٌ) نَبَّهَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفَسْخَ إنْ ذُكِرَ مَعَ الْمَالِ يَكُونُ خُلْعًا فَيُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: مِنْ كِنَايَتِهِ) أَيْ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: إلَى النِّيَّةِ) أَيْ وَفَوْرِيَّةِ الْقَبُولِ شَوْبَرِيٌّ وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْهُمَا

(قَوْلُهُ: وَمِنْ صَرِيحِهِ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى صَرِيحِ الطَّلَاقِ الْآتِي مُشْتَقُّ مُفَادَاةٍ أَيْ مُفَادَاةٌ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ نَفْسَ الْمُفَادَاةِ وَمِثْلُهَا الْخُلْعُ لَيْسَ مِنْ الصَّرِيحِ بَلْ مِنْ الْكِنَايَاتِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَمُشْتَقُّ افْتِدَاءٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ ح ل وَقَوْلُهُ بَلْ مِنْ الْكِنَايَاتِ مُسَلَّمٌ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: مَعَ وُرُودِ مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ) الَّذِي هُوَ الِافْتِدَاءُ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ كُلًّا مِنْ لَفْظِ الْمُفَادَاةِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ وَلَفْظِ الْخُلْعِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ صَرِيحٌ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ ذُكِرَ عِوَضٌ وَنَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى تَفْصِيلٍ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ جَرَى. . . إلَخْ ح ل
(قَوْلُهُ: فَلَوْ جَرَى. . . إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَذْكُرَ الْمَالَ أَوْ يَنْوِيَهُ أَوْ يَسْكُتَ عَنْهُ أَوْ يَنْفِيَهُ فَإِنْ ذَكَرَ وَجَبَ بِشَرْطِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ مَعْلُومًا وَكَذَا إنْ نَوَى وَوَافَقَتْهُ عَلَى مَا نَوَى وَإِلَّا وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ وَالْخُلْعُ فِي هَذَيْنِ صَرِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ وَلَمْ يَنْوِ إنْ أَضْمَرَ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَقَبِلَتْ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ لَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَوْ لَمْ تَقْبَلْ وَإِنْ أَضْمَرَ وَلَمْ تَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَالْخُلْعُ فِي هَذِهِ أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ وَلَمْ يَنْوِ كِنَايَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ س ل وَإِنْ نَفَى الْعِوَضَ وَقَعَ رَجْعِيًّا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَالْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ وَعِبَارَةُ م ر حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ ذَكَرَ مَالًا أَوْ نَوَاهُ كَانَ صَرِيحًا وَوَجَبَ فِي الْأُولَى مَا ذَكَرَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَالًا وَلَا نَوَاهُ كَانَ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ نُظِرَ فَإِنْ أَضْمَرَ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَقَبِلَتْ وَكَانَتْ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَمْ لَا وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: بِلَا ذِكْرِ عِوَضٍ) أَيْ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُ ح ل وَقَالَ ع ش بِلَا ذِكْرِ عِوَضٍ أَيْ وَلَوْ بِلَا نِيَّةٍ ق ل قَالَ فَإِنْ نَوَاهُ وَاتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الْمَنْوِيِّ وَجَبَ مَا نَوَيَاهُ وَمِثْلُهُ فِي ح ل (قَوْلُهُ: مَعَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جَرَى (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْتِمَاسِ قَبُولٍ) أَيْ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ م ر فَالْقُيُودُ خَمْسَةٌ اثْنَانِ فِي الْمَتْنِ وَاثْنَانِ فِي الشَّارِحِ

الصفحة 450