كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)

(إلَّا فِي نَحْوِ إنْ وَإِذَا) مِمَّا يَقْتَضِي الْفَوْرَ فِي الْإِثْبَاتِ مَعَ عِوَضٍ أَمَّا فِي ذَلِكَ نَحْوَ إنْ وَإِذَا أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ مَعَ الْعِوَضِ وَإِنَّمَا تُرِكَ هَذَا الِاقْتِضَاءُ فِي نَحْوِ مَتَى لِصَرَاحَتِهِ فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ فَإِذَا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْإِعْطَاءُ وَلَمْ تُعْطِ لَمْ تَطْلُقْ وَقَيَّدَ الْمُتَوَلِّي الْفَوْرِيَّةَ بِالْحُرَّةِ فَلَا تُشْتَرَطُ فِي الْأَمَةِ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهَا وَلَا مِلْكَ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إلْحَاقُ الْمُبَعَّضَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ بِالْحُرَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَنَحْوَ مِنْ زِيَادَتِي.

(أَوْ بَدَأَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (بِطَلَبِ طَلَاقٍ) كَطَلِّقْنِي بِكَذَا أَوْ إنْ طَلَّقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا (فَأَجَابَ) هَا الزَّوْجُ (فَمُعَاوَضَةٌ) مِنْ جَانِبِهَا لِمِلْكِهَا الْبُضْعَ بِعِوَضٍ (بِشَوْبِ جِعَالَةٍ) ؛ لِأَنَّ مُقَابِلَ مَا بَذَلَتْهُ وَهُوَ الطَّلَاقُ يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ كَالْعَامِلِ فِي الْجَعَالَةِ (فَلَهَا رُجُوعٌ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ جَوَابِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْمُعَاوَضَاتِ وَالْجَعَالَاتِ.

(وَلَوْ طَلَبَتْ ثَلَاثًا) يَمْلِكُهَا عَلَيْهَا (بِأَلْفٍ فَوَحَّدَ) أَيْ فَطَلَّقَ طَلْقَةً وَاحِدَةً سَوَاءٌ أَقَالَ بِثُلُثِهِ وَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ أَمْ سَكَتَ عَنْهُ (فَثُلُثُهُ) يَلْزَمُ تَغْلِيبًا لِشَوْبِ الْجِعَالَةِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ فِيهَا رُدَّ عَبِيدِي الثَّلَاثَةَ وَلَك أَلْفٌ فَرَدَّ وَاحِدًا اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَمْلِكُ الثَّلَاثَ فَسَيَأْتِي.

(وَرَاجَعَ) فِي خُلْعٍ (إنْ شَرَطَ رَجْعَةً) لِأَنَّهَا تُخَالِفُ مَقْصُودَهُ فَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُكِ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْكِ الرَّجْعَةَ فَرَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ؛ لِأَنَّ شَرْطَيْ الْمَالِ وَالرَّجْعَةِ يَتَنَافَيَانِ فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى مُجَرَّدُ الطَّلَاقِ وَقَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَالَعَهَا بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ رَدَّهُ وَلَهُ الرَّجْعَةُ فَإِنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ وَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِرِضَاهُ بِسُقُوطِهَا هُنَا وَمَتَى سَقَطَتْ لَا تَعُودُ.

(وَلَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي بِكَذَا فَارْتَدَّا أَوْ أَحَدُهُمَا فَأَجَابَ) هَا الزَّوْجُ نُظِرَ (إنْ كَانَ) الِارْتِدَادُ (قَبْلَ وَطْءٍ أَوْ) بَعْدَهُ و (أَصَرَّ) الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ (حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّةٌ بَانَتْ بِالرِّدَّةِ وَلَا مَالَ) وَلَا طَلَاقَ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ فِي الْعِدَّةِ (طَلَقَتْ بِهِ) أَيْ بِالْمَالِ الْمُسَمَّى وَتُحْسَبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا تَقْضِيهِ (قَوْلُهُ: نَحْوَ إنْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ.
وَأَمَّا أَنْ الْمَفْتُوحَةُ وَإِذْ فَالطَّلَاقُ بِأَحَدِهِمَا يَقَعُ بَائِنًا حَالًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا مَالَ عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالنَّحْوِيِّ وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ شَوْبَرِيٌّ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ أَنَّهَا بَذَلَتْ لَهُ أَلْفًا عَلَى الطَّلَاقِ وَأَنَّهُ قَبَضَهُ لَكِنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهَا أَنَّهَا أَعْطَتْهُ تَأَمَّلْ وَالنَّحْوُ هُوَ لَوْ وَلَوْلَا وَلَوْمَا فَهَذِهِ خَمْسَةٌ تَقْتَضِي الْفَوْرَ فِي الْإِثْبَاتِ لَكِنْ مَعَ قَوْلِهِ إنْ شِئْت أَوْ إنْ أَعْطَيْتِنِي أَوْ إنْ ضَمِنْتِ لِي وَأَمَّا بِدُونِ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَلِلتَّرَاخِي كَغَيْرِهَا هُنَا وَأَمَّا فِي النَّفْيِ فَجَمِيعُهَا لِلْفَوْرِ إلَّا " إنْ " اهـ. شَيْخُنَا وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
أَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ فِي النَّفْيِ لِلْفَوْرِ ... سِوَى إنْ وَفِي الثُّبُوتِ رَأَوْهَا
لِلتَّرَاخِي إلَّا إذَا إنْ مَعَ الْمَالِ ... وَشِئْت وَكُلَّمَا كَرَّرُوهَا
(قَوْلُهُ: لِصَرَاحَتِهِ فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ) ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّعْمِيمِ فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ إذَا فَإِنَّهَا لِمُطْلَقِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَضَى. . . إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ
(قَوْلُهُ: يُمْكِنُ فِيهِ الْإِعْطَاءُ) هَلْ الْمُرَادُ مُجَرَّدُ التَّنَاوُلِ أَوْ إعْطَاءُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَيُعْتَبَرُ زَمَنُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَإِحْضَارُهُ مِنْ مَحَلٍّ قَرِيبٍ عُرْفًا وَإِذَا عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ غَائِبٍ عَنْ الْمَحَلِّ يَكُونُ مِنْ التَّعْلِيقِ عَلَى مُحَالٍ أَوْ يُغْتَفَرُ إحْضَارُهُ حَرِّرْ ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحٍ م ر وَالْمُرَادُ بِالْفَوْرِ فِي هَذَا الْبَابِ مَجْلِسُ التَّوَاجُبِ السَّابِقُ بِأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ كَلَامٌ أَوْ سُكُوتٌ طَوِيلٌ عُرْفًا وَقِيلَ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِمَا مَرَّ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ

(قَوْلُهُ: فَأَجَابَهَا الزَّوْجُ) فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي جَانِبِهَا الْمُعَاوَضَةُ وَإِنْ أَتَتْ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ أَوْ أَتَتْ بِأَدَاةٍ لَا تَقْتَضِي الْفَوْرِيَّةَ كَمَتَى فَقَوْلُهُمْ مَتَى لَا تَقْتَضِي الْفَوْرِيَّةَ أَيْ إذَا بَدَأَ بِهَا الزَّوْجُ دُونَ الزَّوْجَةِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ جَانِبَهَا تَغْلِبُ فِيهِ الْمُعَاوَضَةُ بِخِلَافِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَأَجَابَهَا) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ وَيَقْبَلُ قَوْلُهُ: أَرَدْتُ ابْتِدَاءَ طَلَاقٍ لَا جَوَابَ الْتِمَاسِهَا وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَلَهَا تَحْلِيفُهُ شَوْبَرِيٌّ فَإِنْ طَلَّقَ مُتَرَاخِيًا كَانَ مُبْتَدِئًا بِالطَّلَاقِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عِوَضًا وَيَقَعُ رَجْعِيًّا س ل (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ جَوَازَ الرُّجُوعِ

(قَوْلُهُ: فَوَحَّدَ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ وَلَوْ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ أَوْ وَاحِدَةً وَنِصْفًا اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَثُلُثُهُ يَلْزَمُ) وَفَارَقَ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ جَانِبِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ وَشَرْطُ التَّعْلِيقِ وُجُودُ الصِّفَةِ وَشَرْطُ الْمُعَاوَضَةِ التَّوَافُقُ وَلَمْ يُوجَدَا
(قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ طَلَبْت بِأَلْفٍ ثَلَاثًا وَهُوَ إنَّمَا يَمْلِكُ دُونَهَا فَطَلَّقَ مَا يَمْلِكُهُ فَلَهُ أَلْفٌ

(قَوْلُهُ: وَرَاجَعَ فِي خُلْعٍ) سَمَّاهُ خُلْعًا نَظَرًا لِلَّفْظِ وَإِلَّا فَهُوَ مَعَ شَرْطِ الرَّجْعَةِ لَا يُقَالُ لَهُ خُلْعٌ شَرْعِيٌّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ وَلَوْ قَالَ وَفَسَدَ خُلْعٌ بِشَرْطِ رَجْعَةٍ كَانَ أَوْلَى إذْ هُوَ الَّذِي يُنْتِجُهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ وَلَا يُنْتَجُ جَوَازَ الرَّجْعَةِ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى إلَّا بِاللَّازِمِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ فَسَادِ الْخُلْعِ جَوَازُ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ خَالَعَهَا. . . إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ قَالَ طَلَّقْتُكِ. . . إلَخْ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَقْيِيدٌ لِلْمَتْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَحَلُّ كَوْنِ شَرْطِ الرَّجْعَةِ يُفْسِدُ الْخُلْعَ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ إذَا شَرَطَهَا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ فَالْخُلْعُ صَحِيحٌ وَلَا رَجْعَةَ وَغَايَةُ مَا يُفِيدُهُ هَذَا الشَّرْطُ فَسَادُ الْعِوَضِ فَقَطْ فَيَرْجِعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ رَاجِعٌ لِلْعِوَضِ فَأَفْسَدَهُ وَفِيمَا سَبَقَ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ فَأَفْسَدَهُ (قَوْلُهُ: لِرِضَاهُ بِسُقُوطِهَا هُنَا) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِرِضَاهُ بِسُقُوطِهَا الْآنَ أَيْ وَقْتَ الطَّلَاقِ

(قَوْلُهُ: طَلَقَتْ بِهِ) يُقَالُ طَلَقَتْ الْمَرْأَةُ بِفَتْحِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا تَطْلُقُ بِضَمِّهَا فَهِيَ طَالِقٌ أَفْصَحُ مِنْ طَالِقَةٍ شَوْبَرِيٌّ فَهُوَ مِنْ

الصفحة 452