كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)

وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا الضَّمَانَ الْمُحْتَاجَ إلَى أَصِيلٍ فَذَاكَ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ وَلَا الْتِزَامَ الْمُبْتَدَأِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنَّذْرِ بَلْ الْمُرَادُ الْتِزَامٌ بِقَبُولٍ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنَ عَقْدٍ.

(أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) بِنِيَّةِ الدَّفْعِ عَنْ جِهَةِ التَّعْلِيقِ وَتَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ (بَانَتْ) ؛ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إيَّاهُ مِنْ الْقَبْضِ إعْطَاءٌ مِنْهَا وَهُوَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْقَبْضِ مُفَوِّتٌ لَحَقِّهِ (فَيَمْلِكُهُ) أَيْ مَا وَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَلَا يُمْكِنُ إيقَاعُهُ مَجَّانًا مَعَ قَصْدِ الْعِوَضِ وَقَدْ مَلَكَتْ زَوْجَتُهُ بُضْعَهَا فَيَمْلِكُ الْآخَرُ الْعِوَضَ عَنْهُ وَكَوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا لَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا سَلِّمْهُ إلَيْهِ فَفَعَلَ بِحُضُورِهَا وَكَالْإِعْطَاءِ الْإِيتَاءُ وَالْمَجِيءُ (كَأَنْ عَلَّقَ بِنَحْوِ إقْبَاضٍ) كَقَوْلِهِ إنْ أَقَبَضْتِنِي أَوْ دَفَعْتِ لِي كَذَا (وَاقْتَرَنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْطَاءِ) كَقَوْلِهِ وَجَعَلَتْهُ لِي أَوْ لِأَصْرِفَهُ فِي حَاجَتِي فَأَقْبَضَتْهُ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُوهِمُ وُقُوعَهُ رَجْعِيًّا وَلَيْسَ مُرَادًا فَلَوْ قَالَ فَلَا طَلَاقَ كَمَا قَالَهُ م ر كَانَ أَوْلَى قَالَ ع ش وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا ذَكَرَ الْبَيْنُونَةَ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي الطَّلَاقِ بِمَالٍ وَهُوَ إذَا وَقَعَ لَا يَكُونُ إلَّا بَائِنًا
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ. . . إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا جَزَمُوا بِهِ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَمْ بِمَعَانِيهَا ع ش فَلَوْ ضَمِنَتْ لَهُ أَلْفًا عَلَى شَخْصٍ فَلَا طَلَاقَ لِعَدَمِ حُصُولِ الصِّفَةِ بِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الضَّمَانِ هَذَا إنْ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الضَّمَانِ فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ أَوْ صَرَّحَ بِهِ بِأَنْ قَالَ إنْ ضَمِنَتْ لِي الْأَلْفَ الَّذِي عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ كَانَ كَالتَّعْلِيقِ عَلَى صِفَةٍ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ وَهُوَ نَفْعُهُ بِضَمَانِهَا وَإِذَا أَخَذَ مَهْرَ الْمِثْلِ هَلْ لَهُ مُطَالَبَتُهَا بِالْأَلْفِ بَلْ يَنْبَغِي عَدَمُ الْمُطَالَبَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ مَهْرَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ أَيْ مَهْرَ الْمِثْلِ وَاجِبٌ بِالضَّمَانِ ح ل فَيَكُونُ الضَّمَانُ عِوَضًا فَاسِدًا فَلَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ تَأَمَّلْ وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَالْحَلَبِيِّ وَقَالَ سم يَقَعُ بَائِنًا بِالْأَلْفِ الْمَضْمُونِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهَا لَهُ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ وَانْظُرْ لَوْ أَرَادَ الِالْتِزَامَ الْمُبْتَدَأَ أَيْ النَّذْرَ أَوْ صَرَّحَ بِهِ بِأَنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ نَذَرْت لِي أَلْفًا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ع ب وُقُوعَ الطَّلَاقِ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ وَهُوَ النَّذْرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ كَالضَّمَانِ وَلِأَنَّ الْأَلْفَ وَجَبَ بِالنَّذْرِ لَا فِي نَظِيرِ الطَّلَاقِ اهـ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر
قَوْلُهُ: فَذَاكَ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ. . . إلَخْ. بَقِيَ مَا لَوْ أَرَادَهُ كَأَنْ قَالَ إنْ ضَمِنْت لِي الْأَلْفَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَضَمِنَتْهُ اتَّجَهَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ رَاجِعٍ لِلزَّوْجِ وَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِبَرَاءَتِهَا مِنْ الْأَلْفِ بِإِبْرَائِهِ أَوْ أَدَاءِ الْأَصِيلِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى الْأَلْفِ فَقَبِلَتْ ثُمَّ أَبْرَأهَا مِنْهُ أَوْ أَدَّاهُ عَنْهَا أَحَدٌ وِفَاقًا لِ م ر سم عَلَى حَجّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ ضَمِنْتِ لِزَيْدٍ مَالِهِ عَلَى عَمْرٍو فَأَنْت طَالِقٌ فَضَمِنَتْهُ وَهُوَ مُجَرَّدُ تَعْلِيقٍ فَإِنْ ضَمِنَتْ وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي طَلَقَتْ رَجْعِيًّا لِعَدَمِ رُجُوعِ الْعِوَضِ لِلزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ تَضْمَنْ فَلَا وُقُوعَ وَقَوْلُ سم؛ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ أَيْ وَهُوَ نَفْعُهُ بِضَمَانِهَا وَإِنَّمَا كَانَ عِوَضًا لِصَيْرُورَةِ مَا ضَمِنَتْهُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ اهـ. وَمَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ يَقُولَ لَهَا عِنْدَ الْخِصَامِ أَبْرِئِينِي وَأَنَا أُطَلِّقُك أَوْ تَقُولَ هِيَ أَبْرَأَك اللَّهُ فَيَقُولُ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْت طَالِقٌ وَاَلَّذِي يَتَبَادَرُ فِيهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا وَأَنَّهُ يَدِينُ فِيمَا لَوْ قَالَ أَرَدْت إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُكِ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ) أَيْ مُتَمَوَّلٍ مَعْلُومٍ وَإِلَّا وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ فَوْرًا فِي غَيْرِ نَحْوِ مَتَى زي ع ش (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الدَّفْعِ) فَإِنْ قَالَتْ لَمْ أَقْصِدْ ذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا لَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ لِجُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ شَرْحُ م ر [تَنْبِيهٌ]
قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِالْإِعْطَاءِ إنْ حُمِلَ الْإِعْطَاءُ عَلَى الْإِقْبَاضِ الْمُجَرَّدِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ رَجْعِيًّا وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ التَّمَلُّكَ فَكَيْفَ يَصِحُّ بِمُجَرَّدِ الْفِعْلِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَامَ تَعْلِيقُهُ الطَّلَاقَ عَلَى الْإِقْبَاضِ مَقَامَ الْإِيجَابِ. قُلْت فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ بِالْفِعْلِ وَالْعُقُودُ لَا تَنْعَقِدُ بِالْأَفْعَالِ اهـ. أَقُولُ: وَفِي مُطَابَقَةِ الْجَوَابِ لِلسُّؤَالِ خَفَاءٌ وَإِشْكَالٌ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ لَنَا أَنْ نَقُولَ إنَّمَا كَانَ الْإِعْطَاءُ هُنَا تَمْلِيكًا لِوُجُودِ اللَّفْظِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فَاغْتُفِرَ ذَلِكَ هُنَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَمَّا كَانَ يَصْدُرُ عَنْ شِقَاقٍ غَالِبًا تُسُومِحَ فِيهِ بِمَا لَمْ يُتَسَامَحْ بِهِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَعَا بِأَلْفٍ وَنَوَيَا نَوْعًا مِنْ الدَّرَاهِمِ صَحَّ وَلَا يَصِحُّ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. سم (قَوْلُهُ سَلِّمْهُ إلَيْهِ) وَهَلْ مِثْلُ وَضْعِهَا وَضْعُ وَكِيلِهَا وَأَنَّهُ يَكُونُ تَسْلِيمًا وَإِعْطَاءً فِي كَلَامِ شَيْخِنَا كحج نَعَمْ ح ل (قَوْلُهُ بِحُضُورِهَا) فَإِنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ إعْطَائِهَا بِخِلَافِهِ فِي غَيْبَتِهَا فَإِنَّهَا لَمْ تُعْطِهِ لَا حَقِيقَةً وَلَا تَنْزِيلًا ح ل وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: بِحُضُورِهَا كَأَنَّ وَجْهَ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ إعْطَاؤُهَا وَلَا يَتَحَقَّقُ إعْطَاؤُهَا إذَا أَعْطَى وَكِيلُهَا إلَّا إذَا كَانَ بِحَضْرَتِهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَكَالْإِعْطَاءِ الْإِيتَاءُ) أَيْ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْمَجِيءُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَرِينَةِ التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ الْإِيتَاءَ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى الْإِعْطَاءِ قَالَ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] كَأَنْ قَالَ إنْ آتَيْتِنِي بِالْمَدِّ أَلْفًا أَيْ أَعْطَيْتِنِي بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ أَتَيْتِنِي بِالْقَصْرِ بِأَلْفٍ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةِ التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَجِيءِ ح ل وَالْمَجِيءُ كَأَنْ قَالَ إنْ جِئْتنِي بِأَلْفٍ

الصفحة 455