كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)

(وَصَحَّ بِلَفْظٍ نَحْوَ إبْرَاءٍ) كَحَطٍّ وَإِسْقَاطٍ وَوَضْعٍ كَأَبْرَأْتُكَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ أَوْ حَطَطْتُهَا أَوْ أَسْقَطْتُهَا أَوْ وَضَعْتُهَا عَنْكَ وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْقَبُولُ بِخِلَافِ الْعَقْدِ بِلَفْظِ الصُّلْحِ وَلَا يَصِحُّ هُنَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَنَظِيرِهِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْنِ

(أَوْ) جَرَى (مِنْ حَالَ عَلَى مُؤَجَّلِ مِثْلِهِ) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (أَوْ عَكْسُ) أَيْ مِنْ مُؤَجَّلٍ عَلَى حَالَ مِثْلِهِ كَذَلِكَ (لَغَا) الصُّلْحُ فَلَا يَلْزَمُ الْأَجَلُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا الْإِسْقَاطُ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمَا وَعْدٌ مِنْ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ (وَصَحَّ تَعْجِيلٌ) لِلْمُؤَجَّلِ لِصُدُورِ الْإِيفَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ مِنْ أَهْلِهِمَا (لَا إنْ ظَنَّ صِحَّةً) لِلصُّلْحِ فَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ فَيَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَإِنْ وَقَعَ فِيهِ اضْطِرَابٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي
(أَوْ) صَالَحَ (مِنْ عَشْرَةٍ حَالَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ بَرِئَ مِنْ خَمْسَةٍ وَبَقِيَتْ خَمْسَةٌ حَالَةٌ) ؛ لِأَنَّ إلْحَاقَ الْأَجَلِ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ بِخِلَافِ إسْقَاطِ بَعْضِ الدَّيْنِ (أَوْ عَكْسُ) بِأَنْ صَالَحَ مِنْ عَشْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ حَالَةٍ (لَغَا) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْخَمْسَةَ فِي مُقَابَلَةِ حُلُولِ الْبَاقِي، وَهُوَ لَا يَحِلُّ فَلَا يَصِحُّ التَّرْكُ

(أَوْ كَانَ) الصُّلْحُ (عَلَى غَيْرِ إقْرَارٍ) مِنْ إنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ وَذِكْرُ السُّكُوتِ مِنْ زِيَادَتِي (لَغَا) الصُّلْحُ كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فَأَنْكَرَ أَوْ سَكَتَ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَيْهَا أَوْ عَلَى بَعْضِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَاضِي وَالْإِمَامُ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَهَا يَقْتَضِي كَوْنَهَا عِوَضًا فَيَصِيرُ بَائِعًا الْأَلْفَ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ مِنْ الْأَلْفِ عَلَى بَعْضِهِ إبْرَاءٌ لِلْبَعْضِ وَاسْتِيفَاءٌ لِلْبَاقِي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ س ل

. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِلَفْظِ نَحْوِ إبْرَاءٍ) أَيْ صَحَّ الصُّلْحُ بِلَفْظِ صُلْحٍ مَعَ لَفْظِ نَحْوِ إبْرَاءٍ فَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ مِنْ صِحَّتِهِ بِمُجَرَّدِ نَحْوِ لَفْظِ الْإِبْرَاءِ لَيْسَ مُرَادًا ح ل قَالَ م ر: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ انْقِسَامُ الصُّلْحِ إلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَعَارِيَّةٌ وَهِبَةٌ وَسَلَمٌ وَإِبْرَاءٌ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ خُلْعًا وَمُعَاوَضَةً عَنْ دَمِ الْعَمْدِ كَصَالَحْتُكَ مِنْ كَذَا عَلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيَّ مِنْ قِصَاصٍ وَجِعَالَةٍ وَفِدَاءٍ كَقَوْلِهِ لِحَرْبِيٍّ صَالَحْتُكَ مِنْ كَذَا عَلَى إطْلَاقِ هَذَا الْأَسِيرِ وَفَسْخًا كَأَنْ صَالَحَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ مَالٍ السَّلَمِ وَتَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِأَخْذِهَا مِمَّا ذَكَرَ.
(قَوْلُهُ: وَصَالَحْتُكَ إلَخْ) أَتَى بِهَذَا لِيَكُونَ صُلْحًا وَإِلَّا فَمَا قَبْلَهُ يَكْفِي فِي الْإِبْرَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَالُ: لَهُ صُلْحٌ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: وَصَالَحْتُكَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ أَلْفَاظِ الْإِبْرَاءِ وَاحْتِيجَ إلَى لَفْظِ الصُّلْحِ مَعَ الْإِبْرَاءِ وَإِنْ كَانَ كَافِيًا هُوَ وَمَا بَعْدَهُ فِي حُصُول الْبَرَاءَةِ لِيَكُونَ مِنْ أَنْوَاعِ عَقْدِ الصُّلْحِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ سَبْقُ الْخُصُومَةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ نَظَرًا لِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَقْدِ إلَخْ) أَيْ غَيْرُ مُنْضَمٍّ إلَى لَفْظِ نَحْوِ الْإِبْرَاءِ ح ل فَقَوْلُهُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ أَيْ الْمَحْضِ

. (قَوْلُهُ: مِنْ الدَّائِنِ) أَيْ فِي الْأُولَى
وَقَوْلُهُ: وَالْمَدِينِ أَيْ فِي الثَّانِيَةِ.
وَعِبَارَةُ م ر إذْ هُوَ مِنْ الدَّائِنِ وَعُدَّ فِي الْأُولَى بِإِلْحَاقِ الْأَجَلِ وَصِفَةُ الْحُلُولِ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا وَفِي الثَّانِيَةِ وَعُدَّ مِنْ الْمَدْيُونِ بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ، وَهُوَ لَا يَسْقُطُ وَالتَّكْسِيرُ وَالصِّحَّةُ كَالْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ اهـ بِحُرُوفِهِ، وَكَتَبَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى قَوْلِهِ: وَصِفَةُ الْحُلُولِ صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ وَصِفَةُ التَّأْجِيلِ اهـ أَيْ: لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ ظَنَّ) أَيْ لَا إنْ ظَنَّ الدَّافِعُ أَنَّ الْعَقْدَ مُلْزِمٌ لِلْحُلُولِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ اعْتَمَدَهُ م ر قَالَ: وَيَنْشَأُ مِنْ هَذَا مَسْأَلَةٌ تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى وَهِيَ مَا لَوْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةٌ ثُمَّ صَدَرَ بَيْنَهُمَا تَصَادُقٌ مَبْنِيٌّ عَلَى تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْآخَرِ شَيْئًا مَعَ ظَنِّهِمَا صِحَّةَ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ بَانَ فَسَادُهَا تَبَيَّنَ فَسَادُ التَّصَادُقِ إنْ كَانَ عِنْدَ الْحَاكِمِ اهـ وَسُئِلَ م ر عِنْدَ تَقْرِيرِ ذَلِكَ عَمَّا يَقَعُ عِنْدَ تَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ كُلًّا لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْآخَرِ حَقًّا وَلَا دَعْوًى ثُمَّ يَدَّعِي نِسْيَانَ شَيْءٍ وَيُرِيدُ أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ فَهَلْ يُقْبَلُ؟ فَقَالَ: الَّذِي كَانَ الْوَالِدُ يَعْتَمِدُهُ أَنَّهُ إنْ تَعَرَّضَ فِي التَّصَادُقِ لِنَفْيِ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ بِأَنْ قَالَ: لَا أَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ حَقًّا وَلَا دَعْوًى وَلَا يَمِينًا لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَلَا جَهْلًا ثُمَّ ادَّعَى السَّهْوَ وَنَحْوَهُ لَمْ يُقْبَلْ وَلَا يَصِحُّ دَعْوَاهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ لَا سَهْوًا وَلَا عَمْدًا وَلَا جَهْلًا فَدَخْلَ حَنِثَ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ قَبْلَ دَعْوَى النِّسْيَانِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فَيَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَهُ) فَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ اسْتِرْدَادٍ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ يُتَأَمَّلْ ذَلِكَ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّرَاضِي كَأَنَّهُ مَلَّكَهُ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ لِلْغَاصِبِ بِمَالٍ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ صَالَحَ مِنْ عَشَرَةٍ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ لَا وَانْظُرْ حِكْمَةَ تَقْدِيرِ صَالَحَ دُونَ جَرَى مَعَ أَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ تَفَنُّنٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسٌ لَغَا) لَا يُقَالُ لَوْ حَذَفَ لَغَا مِنْ هُنَا وَاكْتَفَى بِالْمَذْكُورَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ إقْرَارٍ كَانَ أَوْلَى لِمُرَاعَاتِهِ الِاخْتِصَارَ مَا أَمْكَنَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذِكْرُهُ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ صُوَرِ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى إقْرَارٍ إلَخْ
وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ إقْرَارٍ إلَخْ قَسِيمٌ لَهُ ع ش

. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ إقْرَارٍ لَغَا) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الصُّلْحِ لَمْ يُفِدْ إقْرَارُهُ صِحَّةَ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ سَبْقُ الْإِقْرَارِ ح ل.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَيْهَا) كَأَنْ قَالَ: صَالَحْتُكَ مِنْهَا عَلَيْهَا وَهَذَا تَصْوِيرُ الْمِنْهَاجِ الْآتِي أَوْ قَالَ: صَالَحْتُكَ مِنْهَا عَلَى نِصْفِهَا أَوْ قَالَ صَالَحْتُكَ مِنْهَا أَوْ مِنْ بَعْضِهَا عَلَى ثَوْبٍ مَثَلًا فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الصُّلْحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى إنْكَارٍ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ح ل ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَيْهَا أَيْ: كُلًّا أَوْ بَعْضَهَا قَالَ ع ش: أَيْ: وَكَأَنْ ادَّعَى جَمِيعَهَا

الصفحة 5