كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)
أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَثَوْبٍ أَوْ دَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الصُّلْحِ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ صُلْحٌ مُحَرِّمٌ لِلْحَلَالِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي صَادِقًا لِتَحْرِيمِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَيْهِ أَوْ مُحَلِّلٌ لِلْحَرَامِ إنْ كَانَ كَاذِبًا بِأَخْذِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ الصُّلْحُ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ بَعْضِهِ فَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ إنْ جَرَى عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعِي صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الشَّيْخَيْنِ وَالْقَوْلُ: بِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ عَلَى وَالْبَاءَ يَدْخُلَانِ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَمِنْ وَعَنْ عَلَى الْمَتْرُوكِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَبِأَنَّ الْمُدَّعِيَ الْمَذْكُورَ مَأْخُوذٌ وَمَتْرُوكٌ بِاعْتِبَارَيْنِ غَايَتُهُ أَنَّ إلْغَاءَ الصُّلْحِ فِي ذَلِكَ لِلْإِنْكَارِ وَلِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِاتِّحَادِ الْعِوَضَيْنِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الصُّلْحِ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ بَعْضِهِ (وَ) قَوْلِي (صَالِحْنِي عَمَّا تَدَّعِيهِ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ) سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ مِنْهَا أَوْ مِنْ بَعْضِهَا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: لِتَحْرِيمِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ بَعْضِهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَثَوْبٍ) أَيْ كَأَنْ صَالَحَ مِنْهَا كُلِّهَا بِثَوْبٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ صَالَحَ عَنْ بَعْضِهَا بِثَوْبٍ أَوْ دَيْنٍ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي أَوْ بَعْضَهُ مَعَ كَوْنِ الْمُقْسَمِ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ جَمِيعُ الدَّارِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ جَمِيعُ الدَّارِ وَالْمُصَالَحُ عَنْهُ أَعَمُّ مِنْ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي الصُّلْحِ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ جَائِزٌ وَوَاقِعٌ كَالْبَيْعِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَائِعَ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَبِيعَ بِعَقْدِ الْبَيْعِ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَالَهُ بِمَا أَخَذَهُ عِوَضًا عَنْهُ. وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي غَيْرِ الصُّلْحِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَبِيعُ مَا لَا يَمْلِكُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ صَادِقٍ فِي دَعْوَاهُ وَالْمُشْتَرِي يَشْتَرِي مَا يَمْلِكُهُ إنْ كَانَ صَادِقًا اهـ.
وَعِبَارَةُ ح ل أَيْ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ بِصُورَةِ عَقْدٍ مَرْغُومٍ أَيْ مَقْهُورٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمَّا كَانَ مُنْكِرًا كَانَ الْمُدَّعِي مُضْطَرًّا لِمُصَالَحَتِهِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ لِلْإِنْسَانِ تَرْكَ بَعْضِ حَقِّهِ أَيْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ بِصُورَةِ عَقْدٍ مَقْهُورٍ عَلَيْهِ اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: مُحَرِّمٌ لِلْحَلَالِ) أَيْ: لَوْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهِ) أَيْ: فِيمَا إذَا صَالَحَهُ مِنْ بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ عَلَى ثَوْبٍ مَثَلًا وَلَمْ يُصَالِحْ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ) أَيْ: بِتَحْلِيلِ الْحَرَامِ لَا بِهِ وَبِمَا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ تَحْرِيمُ الْحَلَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي فِي الصُّلْحِ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ ح ل وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ حَرَّمَ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ كَانَ صَادِقًا إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْ الْمُحَشِّي بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ حَلَّلَ الْحَرَامَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَعْلِهِ لَهُ حَيْثُ كَانَ الْمُدَّعِي صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى الصُّلْحِ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنَّمَا قَالَ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ أَيْ: فِي الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ صُوَرَ الْإِنْكَارِ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ أَنْ يُصَالِحَ مِنْهَا عَلَيْهَا أَوْ مِنْهَا عَلَى بَعْضِهَا أَوْ مِنْهَا أَوْ بَعْضِهَا عَلَى غَيْرِهَا وَالتَّعْلِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَدُلُّ إلَّا لِلْأَخِيرَيْنِ وَأَلْحَقَ الْأَوَّلَانِ بِالْأَخِيرَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ التَّعْلِيلَ شَامِلًا لِلْأَوَّلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي أُولَاهُمَا، وَهِيَ مَا إذَا صَالَحَ مِنْهَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ تَرَكَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَدْ وُجِدَ تَحْرِيمُ الْحَلَالِ فَقَطْ إنْ كَانَ صَادِقًا وَإِنْ أَخَذَهَا لَمْ يُوجَدْ تَحْرِيمُ الْحَلَالِ نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَقَدْ حَرَّمَ الْبَعْضَ الْمَتْرُوكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَقَدْ حَلَّلَ الْبَعْضَ الْمَأْخُوذَ مَعَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ق ل: الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِإِلْحَاقِهِ. (قَوْلُهُ: الصُّلْحُ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ) بِأَنْ يَجْعَلَهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ: إنْ جَرَى) أَيْ: الصُّلْحُ إلَخْ هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ إلَخْ أَوْ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَيْهَا
وَقَوْلُهُ: صَحِيحٌ أَيْ: تَصْوِيرًا لَا حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي كَلَامِهِ الْبُطْلَانُ أَيْ: جَعْلُهُ مِنْ صُوَرِ الْفَسَادِ الصُّلْحُ عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعَى بِهِ صَحِيحٌ أَيْ: فَهُوَ مُتَعَقَّلٌ وَمُتَصَوَّرٌ وَالْفَسَادُ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ وَعِبَارَتُهُ النَّوْعُ الثَّانِي الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ فَيَبْطُلُ إنْ جَرَى عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعِي اهـ وَتَعْبِيرُهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: يَدْخُلَانِ عَلَى الْمَأْخُوذِ) أَيْ: فِي مُقَابَلَةِ مَتْرُوكٍ وَهُنَا مَأْخُوذٌ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَتْرُوكٍ ح ل. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارَيْنِ) فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعِي مَتْرُوكٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَكَأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَخَذَهَا وَتَرَكَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَلِفَسَادِ الصِّيغَةِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ التَّصْوِيرِ وَمَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ الْمُقْتَضِي لِصِحَّتِهَا أَيْضًا ق ل: وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَسَادَهَا بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ قَبْلَ الْجَوَابِ عَنْهَا. (قَوْلُهُ: بِاتِّحَادِ الْعِوَضَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَيْنَ الْمُدَّعَاةَ مَتْرُوكَةً لِدُخُولِ مِنْ عَلَيْهَا وَمَأْخُوذَةً لِدُخُولِ عَلَى عَلَيْهَا وَقَالَ ح ل: قَوْلُهُ: بِاتِّحَادِ الْعِوَضَيْنِ أَيْ: الْمُصَالَحِ بِهِ وَعَلَيْهِ وَلِلْمُدَّعِي الْمُحِقِّ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ عَلَى عَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِهِ كَانَ ظَافِرًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي جَرَيَانِهِ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ إقْرَارٍ صَدَقَ مُدَّعِي الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ جَرَيَانُهُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلِي) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: أَعَمُّ وَانْظُرْ حِكْمَةَ الْإِتْيَانِ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ مَعَ أَنَّ مَا بَعْدَهُ يَحْسُنُ لِلْخَبَرِيَّةِ وَقَوْلُهُ:
الصفحة 6
463