كتاب حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد (اسم الجزء: 3)
وَقَدْ تَزْدَحِمُ الْمَارَّةُ فَيَصْطَكُّونَ بِهِ، وَتَعْبِيرِي بِبِنَاءٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبِنَاءِ دَكَّةٍ (وَلَا بِمَا يَضُرُّ مَارًّا) فِي مُرُورِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ (فَلَا يُخْرِجُ فِيهِ مُسْلِمٌ جَنَاحًا) أَيْ رَوْشَنًا (أَوْ سَابَاطًا) أَيْ سَقِيفَةً عَلَى حَائِطَيْنِ وَالطَّرِيقُ بَيْنَهُمَا (إلَّا إذَا لَمْ يُظْلِمْ) الْمَوْضِعَ (وَرَفَعَهُ بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهُ مُنْتَصِبٌ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَأْسِهِ (حُمُولَةٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ (غَالِبَةٌ وَ) يَمُرُّ تَحْتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ مَزِيدِ الضَّرَرِ وَالرَّشُّ الْخَفِيفُ جَائِزٌ بِخِلَافِ إلْقَاءِ الْقُمَامَاتِ، وَإِنْ قَلَّتْ وَالتُّرَابَ وَالْحِجَارَةِ وَالْحُفَرِ الَّتِي بِوَجْهِ الْأَرْضِ وَالرَّشِّ الْمُفْرِطُ فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِضَرَرِ الْمَارَّةِ، وَمِثْلُهَا إرْسَالُ الْمَاءِ مِنْ الْمَيَازِيبِ إلَى الطَّرِيقِ الضَّيِّقِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّمَنُ شِتَاءً أَوْ صَيْفًا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَهُ إخْرَاجُ جَنَاحٍ تَحْتَ جَنَاحِ جَارِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارِّ عَلَيْهِ وَفَوْقَهُ وَمُقَابِلَهُ، وَإِنْ أَظْلَمَهُ وَعَطَّلَ مُرَادَهُ مَا لَمْ يَبْطُلْ انْتِفَاعُهُ بِهِ، وَلَوْ انْهَدَمَ جَنَاحُهُ فَسَبَقَهُ جَارُهُ إلَى بِنَاءِ جَنَاحٍ بِمُحَاذَاتِهِ جَازَ،، وَإِنْ تَعَذَّرَ مَعَهُ إعَادَةُ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُعْرِضْ صَاحِبُهُ شَرْحُ م ر
وَقَوْلُهُ: دَوَابُّ الْعَلَّافِينَ قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا دَوَابُّ الْمُدَرِّسِينَ الْوَاقِفَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا مُدَّةَ التَّدْرِيسِ وَنُوزِعَ فِيهِ. اهـ. ق ل وزي.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُخْرِجُ فِيهِ مُسْلِمٌ جَنَاحًا) وَحَيْثُ امْتَنَعَ الْإِخْرَاجُ هَدَمَهُ الْحَاكِمُ لَا كُلُّ أَحَدٍ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَطْلَبِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوَقُّعِ الْفِتْنَةِ نَعَمْ لِكُلِّ أَحَدٍ مُطَالَبَتُهُ بِإِزَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ م ر وَقَوْلُهُ: لَا كُلُّ أَحَدٍ إلَخْ فَلَوْ خَالَفَ وَهَدَمَ عُزِّرَ وَلَا ضَمَانَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ فَأَشْبَهَ الْمُهْدَرَ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ إذَا قَتَلَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: جَنَاحًا) مِنْ جَنَحَ يَجْنَحُ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا إذَا مَالَ أَوْ مِنْ جَنَاحِ الطَّائِرِ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ مُثَلَّثُ النُّونِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: رَوْشَنًا) وَالرَّوْشَنُ شَرْعًا مَا يُبَيِّنُهُ صَاحِبُ الْجِدَارِ فِي الشَّارِعِ وَلَا يَصِلُ إلَى الْجِدَارِ الْمُقَابِلِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ خَشَبًا أَوْ حَجَرًا وَأَمَّا لُغَةً فَفِي الْمُخْتَارِ الرَّوْشَنُ الْكُوَّةُ، وَهِيَ الثُّقْبُ فِي الْجِدَارِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ سَابَاطًا) جَمْعُهُ سَوَابِيطُ وَسَابَاطَاتُ وَهَوَاءُ الْبَحْرِ كَالشَّارِعِ وَيُمْنَعُ مُطْلَقًا فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ وَالرِّبَاطِ وَالْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَجُوزُ الْمُرُورُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَإِنْ مَنَعَهُ وَأَمَّا أَخْذُ التُّرَابِ مِنْ أَرْضِ الشَّارِعِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ لِبَيْعِهِ وَأَمَّا مِنْ الْمَوْقُوفَةِ مَثَلًا فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ وَرَضِيَ بِأَخْذِهِ وَاقِفُهُ وَمُسْتَحِقُّوهُ جَازَ قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْهُ وَنُوزِعَ فِيهِ وَكُلُّ مَا يُفْعَلُ فِي حَرِيمِ الْبَحْرِ مِنْ الْأَخْصَاصِ يُهْدَمُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ وَتَلْزَمُ أُجْرَتُهُ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا مُنِعَ فِعْلُهُ مِمَّا لَهُ قَرَارٌ.
(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَعْتَبِرْ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الضَّرَرَ وَعَدَمَهُ، بَلْ قَالَ: إنْ مَنَعَهُ شَخْصٌ امْتَنَعَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا ق ل.
(قَوْلُهُ: الْمَوْضِعُ) فَاعِلٌ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ حَذْفُ الْفَاعِلِ مِنْ الْمَتْنِ فَالْأَوْلَى جَعْلُهُ بَدَلًا مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي يُظْلِمُ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَقَامِ يُقَالُ: أَظْلَمَ الْقَوْمُ إذَا دَخَلُوا فِي الظَّلَامِ اهـ مُخْتَارٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُ الْمَوْضِعِ مَفْعُولًا وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يَرْجِعُ لِلرَّوْشَنِ، وَالْمَعْنَى إذَا لَمْ يُظْلِمْ الرَّوْشَنُ الْمَوْضِعَ وَالْمُرَادُ لَمْ يُظْلِمْ ظُلْمَةً غَيْرَ يَسِيرَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ كَمَا فِي ح ل.
وَعِبَارَةُ ق ل أَيْ: لَا يُظْلِمُ الْمَوْضِعَ إظْلَامًا مُخَالِفًا لِلْعَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَرَفَعَهُ بِحَيْثُ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ رَفَعَهُ ثُمَّ عَلَا الطَّرِيقُ هَلْ يُهْدَمُ نَظَرًا لِتَضَرُّرِ الْمَارَّةِ حِينَئِذٍ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى وَضْعِهِ بِحَقٍّ شَوْبَرِيٌّ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَمَرَّ فُرْسَانٍ ثُمَّ صَارَ كَذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ يَلْزَمُهُ رَفْعُهُ حَيْثُ صَارَ مُضِرًّا أَوْ حَفَرَ الْأَرْضَ بِحَيْثُ يَنْتَفِي الضَّرَرُ الْحَاصِلُ بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَنَى جِدَارَهُ مُسْتَقِيمًا ثُمَّ مَالَ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِهَدْمِهِ أَوْ إصْلَاحِهِ مَعَ أَنَّهُ وَضَعَهُ فِي الْأَصْلِ بِحَقٍّ، وَلَا يُشْكِلُ مُطَالَبَتُهُ بِالْهَدْمِ بِأَنَّهُ لَوْ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ مُعَلِّلِينَ بِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ عَدَمُ الْمُطَالَبَةِ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمُتَوَقَّعِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَمَرَّ الْفُرْسَانِ وَالْقَوَافِلِ ثُمَّ صَارَ كَذَلِكَ كُلِّفَ رَفْعَهُ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَمَا قَرَّرَهُ الْعَزِيزِيُّ نَقْلًا عَنْ ع ش.
(قَوْلُهُ: مُنْتَصِبٌ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطَأْطِئَ رَأْسَهُ ح ل.
(قَوْلُهُ: حُمُولَةٌ) فِي الْمُخْتَارِ الْحُمُولَةُ بِالضَّمِّ الْأَحْمَالُ وَأَمَّا الْحُمُولُ بِالضَّمِّ بِلَا هَاءٍ فَهِيَ الْإِبِلُ الَّتِي عَلَيْهَا الْهَوَادِجُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا نِسَاءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ ع ش عَلَى م ر وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْحَمُولَةُ بِالْفَتْحِ الْبَعِيرُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْبَغْلِ وَالْفَرَسِ وَالْحِمَارِ. (قَوْلُهُ: غَالِبَةٌ) هِيَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ سم فَيُفِيدُ عَلَى هَذَا الضَّبْطِ حُكْمًا، وَهُوَ عَدَمُ تَأْثِيرِ مَا جَاوَزَ فِي عُلُوِّهِ الْعَادَةَ الْغَالِبَةَ، وَهُوَ حَسَنٌ شَوْبَرِيٌّ وَضُبِطَ أَيْضًا بِالْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ. اهـ. ح ل، وَهَذَا الضَّبْطُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمُرْتَفِعَةِ، وَلَوْ نَادِرَةً.
الصفحة 9
463